الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق، هذا ما قاله الشاعر أحمد شوقي وقد أوصانا الدين الإسلامي بل وجميع الأديان على الأم، ترى لماذا خصصت الأديان الوصاية على الأم تحديدًا؟ السبب في ذلك أن الأم هي رمز التضحية والحنان وهناك العديد من الأمهات المكافحات اللاتي تكرمهن الدول بمنحهن جائزة الأم المثالية، فمن خلال السطور القادمة سنسرد بعض القصص والواقعية التي توضح تعب الأمهات لتوفير الراحة لأبنائها.
الأم المكافحة هي كل أم توفي عنها زوجها أو طلقت ولم تتزوج بعد طليقها مرة أخرى خوفًا على الأطفال من الضرر من شخص لا تعرف هل سيعامل أبنائها جيدًا أم أنه سيشعر بالغيرة كلما رآهم لأنهم ليسوا أبنائه؟ تحية لكل أم عانت ولازالت تعاني في حياتها لتوفير متطلبات أبنائها، ويمكن للأم أن تكافح في وجود زوجها إذا كان لا يقدر على العمل.
سيداتي.. آنساتي.. سادتي أهلا بكم في حفل تكريم الأمهات المثاليات وهن:
هبة
أنا اسمي هبة عبد العاطي، أبلغ من العمر 40سنة قد تنظرون لي بتعجب من أنني لازلت في سن الأربعين إلا أن بناتي تزوجن ولكل منهن حياتها، ولكن حينما تسمعون قصتي لن تتعجبوا من صغر سني كجدة.
أنا من إحدى القرى المصرية التي تتزوج فيها الفتيات وهن صغار في السن ولا يكملن تعليمهن لأن الآباء مؤمنين تمامًا أن البنت في النهاية مصيرها لزوجها وبيتها وأولادها، في بداية الأمر حاولت رفض هذا الواقع إلا أن والدي منعني من الخروج نهائيًا ومزق كتبي وبدأ يضربني كل يوم كي أوافق على الزواج من رجل ثري خليجي، كنت وقتها في الصف الأول الإعدادي وبسبب جمالي كانت العرسان تقف على بابي بالطوابير كما نقول نحن في الأرياف.
بعد أن قدم أبو حازم العديد من الهدايا الثمينة لأسرتي ووعدهم بالعديد من الأشياء التي جعلتهم يطمعون ويتمنون بفارغ الصبر إتمام هذه الزيجة، وبعد محاولاتي للرفض التي تبوء دائمًا بالفشل رضخت للأمر الواقع وتزوجت من هذا الرجل الذي يكبرني بضعف عمري بل أكثر من الضعف فقد كان عمر أبو حازم وقتها 50 سنة تقريبًا، اشترط أبو حازم أن يكون الزواج سرًا حتى لا تعرف أم الأولاد فتجعل حياته سوداء ونظرًا لثرائه الفاحش وإغداقه الكثير من الهدايا وافق والدي على هذا الشرط.
تزوجت بدلاً من الالتحاق بالصف الأول الثانوي في بداية الأمر كانت الحياة جميلة خاصة حينما طلبت من زوجي أن أستكمل تعليمي ووافق بشرط أن أذاكر في المنزل وأذهب لأداء الامتحانات فقط والسبب في ذلك أنه كان يغار علي من أي شخص، كانت الحياة هادئة على الرغم من أنه كان يمكث معي شهر واحد في السنة ويتركني ويسافر إلى بلده، وفي أحد الأيام شعرت بالتعب الشديد وكانت أعراض الحمل لكني لصغر سني لم يكن لدي علم بذلك إلى أن اشتد التعب علي مما اضطرني لاصطحاب والدتي وتوجهنا للطبيب الذي طلب مني إجراء تحليل الحمل الذي كان إيجابيًا فرحت بشدة لأنني سأكون أمًا فهي أمنية كل فتاة منذ صغرها أن تكون أمًا.
اتصلت بزوجي لأبلغه بحملي إلا أنني فوجئت به يطلب مني إجهاض هذا الحمل خاصة أنني لازلت في الشهور الأولى فرفضت ذلك مما جعله يطلقني، ومرت الأيام علي سوداء حاولت إيجاد عمل أعيش منه فماذا أعمل وأنا حاصلة على شهادة الإعدادية فقط، إضافة إلى أن الحمل سيظهر فماذا سنقول للناس في القرية خاصة أن الزواج تم في سرية تامة ودون أي مظاهر للاحتفال.
تركت القرية وذهبت لأعيش في مدينة الإسكندرية بعيدًا عن الأعين وبدأت أعمل في مجال المبيعات في المحلات وفي كل مرة يطمع في صاحب المحل فأضطر لتركه والبحث عن محل آخر إلى أن قرأت عن مكان يعلم المطلقات والأرامل والفتيات اللاتي لا يملكن قوت يومهن خياطة الملابس فتوجهت على الفور وتعلمت الخياطة وكنت متفوقة جدًا.
بعد انتهاء الدورات التي حصلت عليها التحقت كعاملة خياطة في أحد المصانع في منطقة برج العرب، كنت أعمل بكد وأدخر بعض الأموال لشراء ماكينة خياطة خاصة بي ومن خلال تفوقي سأجد بالتأكيد زبائن، وبالفعل كنت أحصل على مبلغ مالي جيد جعلني أستطيع العيش والتقديم لأداء امتحانات الصف الأول الثانوي إضافة لمتابعة الحمل.
بعد مرور أشهر الحمل حانت لحظة ولادة أطفال وهم طفلتين جميلتين جدًا وبعد إفاقتي من البنج سألني الطبيب عن والد الطفلتين في بداية الأمر سكت للحظة أفكر ماذا أقول ثم قصصت عليه قصتي كاملة وكان هذا الطبيب عقيم وتوفيت زوجته في حادث سيارة لذلك عرض علي أن يكتب الطفلتين باسمه وأن نتزوج، سعدت جدًا بهذا الخبر ووافقت على الفور ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد أصيب زوجي بالسرطان وتوفي بعد مرور 6 أشهر من زواجنا تاركًا لي ولبناتي شقة تمليك في مكان راقي جدًا، كنت وقتها ناجحة جدًا في عملي كخياطة ومعي نقود كثيرة وكنت على وشك الحصول على شهادة الثانوية العامة لذلك اشتريت مكانًا آخرًا لعمل مشغل خاص بي وتركت عملي في المصنع ومن هذه اللحظة رفضت دخول رجل آخر في حياتي وحياة بناتي ولم يشغلني شيء عنهما حتى تخرجت لمار في كلية الهندسة قسم كهرباء ويارا في كلية الإعلام، وحاليًا أنا طالبة في كلية التربية النوعية قسم منسوجات لأتوج موهبتي بالدراسة العملية وعندي 3 أحفاد ولد وبنت أولاد يارا وبنت لمار.
منار
أما أنا فمن السيدات المغلوب على أمرها تزوجت من مصري بعد قصة حب كبيرة لسنوات، في بداية الأمر كان صاحب محل قطع غيار سيارات مع شريكه سامح، وبعد زواجنا بفترة وإنجابنا لأطفالنا عادل وسلمى مرض زوجي مرضًا أقعده في الفراش لمدة عدة أشهر واعتمد على شريكه الذي بدأ يتلاعب في الحسابات ويتهرب من سداد الضرائب حتى بيع المحل في المزاد العلني لسداد دين مصلحة الضرائب.
وقتها حاول زوجي العمل في مكان آخر لكنه لم يوفق في إيجاد عمل مناسب لهذا أصيب بالشلل نتيجة إصابته بصدمة شديدة أثرت على المخ، ظل زوجي مشلولا لمدة طويلة وكان مطلوب مني العمل ومراعاة الزوج والأبناء فكيف أستطيع ذلك؟
كان الأمر صعبًا لكني وبفضل الله تجاوزت الصعوبات وبالفعل بدأت في تنفيذ مشروع طبخ كنت أقدم للجيران أشهى أنواع الحلوى من صنع يدي مجانًا في الأول ولكن بعد فترة اقترحت إحدى جيراني علي أن تمولني وأنا أصنع الحلوى ونبيعها على الإنترنت أو للبقالات التي كانت تحيط بنا وبالفعل اتفقنا وبدأنا المشروع معًا وكنت أراعي زوجي وأولادي وفي نفس الوقت أعمل وأنا في مكاني.
بعد مرور فترة شهد المشروع نجاحًا ساحقًا وأصبحت الحلوى التي نقدمها مطلوبة في كل مكان وكثرت الطلبات لذلك استأجرنا مكان وأنشأنا مطعمًا صغيرًا يعمل فيه السيدات أمثالي اللاتي ترغبن في كسب قوت يومها، مر وقت لم أستطع تحديده على مرض زوجي إلى أن توفاه الله وأصبحت بالنسبة لأبنائي الأب والأم معًا لهذا تجاوزت حزني على حب عمري سريعًا لأكون داعمة لأبنائي خاصة أنهما في شهادات فكانت سلمى في الإعدادية وعادل في الثانوية العامة وكنت أرغب في تقديم طبيب متفوق ومهندسة شاطرة للمجتمع وبالفعل بدأت العمل لعدد ساعات أكثر كي أوفر للأبناء طلباتهم التي تساعدهم على تخطي السنوات الدراسية والعمل في وظائف مرموقة.
وبالفعل حصلت سلمى على مجموع 98% في الإعدادية والتحقت بالثانوي العام وعادل كان من أوائل الثانوية العامة والتحق بالفعل بكلية الطب.
لحظتها بكيت وأنا مشاعري متخبطة لا أعلم هل أنا سعيدة بما حققته مع أولادي أم أنني متشوقة لرؤية زوجي وأنه كان سيفرح بما وصل إليه أبنائه؟ لكن انتابني شعور أن المشوار لازال طويلا فأنا أمامي 8 سنوات مع سلمى و7 مع عادل إلى أن يصلوا إلى بر الأمان.
تحملت الكثير من الآلام والأوجاع بداخلي إلى أن تخرج عادل وحصل على الدكتوراه في تخصص المخ والأعصاب وتخرجت سلمى من كلية الهندسة قسم ميكانيكا، وقد اختار عادل تخصص المخ والأعصاب لأنه تذكر أن والده لم يجد طبيبًا ماهرًا في هذا المجال لذلك ظل مشلولا إلى أن توفاه الله؛ بينما سلمى فقد اختارت مجال الميكانيكا كي تفهم في قطع غيار السيارات وتبدأ في مشروع خاص بها يعيد لوالدها مجده ويقول الناس “هذا الشبل من ذاك الأسد” وبالفعل في هذه اللحظة سلمى صاحبة أكبر محل قطع غيار سيارات في المحافظة التي نسكنها.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية