ظاهرة العنصرية عُرفت منذ قديم الأزل عندما تم تقسيم البشر وفقاً لعدد من الفروق الفردية والجماعية، الجسمانية والعرقية، واعتقد البعض أن معنى العنصرية ينبع من التمييز بين البشر والتفريق بينهم نظراً لإختلاف الشكل أو اللون أو الأصول العرقية، كما ظهرت العنصرية في الإسلام واضطهاد الأقلية الدينية في العديد من الدول، فما هي حلول العنصرية وما الدوافع وراء انتشارها وتوارثها عبر الأزمنة والعصور المختلفة.
تعريف مصطلح العنصرية
إن تنوع الصفات البشرية واختلاف المعتقدات الفكرية والدينية والموروثات الثقافية والمجتمعية، وتعدد الأصول العرقية، أوجد معنى العنصرية وكان سبباً في نشوبها وتطورها.
كما أن وجود نسبة الأغلبية من البشر يشتركون في سمات متشابهة وأفكار مشتركة، أوجد بينهم قلة قليلة مختلفة بطبيعة الحال، وهذا الإختلاف الذي تنبع منه مظاهر العنصرية المتعددة.
إذاً نجد أن معنى العنصرية يُطلق على أي تحيز فكري تجاه شيء ضد الآخر، على اعتبار أنه الفكر السائد ورأي الأغلبية أو شكل الأغلبية، وأي اعتقاد بأفضلية شخص على الآخر والتعصب لهذا الفكر.
فلا يوجد دساتير أو قوانين تحدد ماذا يجب أن يكون عليه لون البشر، ولا عوامل تحدد أفضلية بعض الأصول العرقية والطبيعة المجتمعية عن الأخرى، فلكل شخص الحق الكامل في الإختلاف دون التعرض لنتائج العنصرية.
ويتم تعريف مصطلح العنصرية على أنه سلوك بشري غير منطقي يعكس الطبيعة البشرية في التفضيل والنفور، يتطور مع زيادة تنوع الأفكار والأشكال والمباديء، ويختلف من دولة لأخرى ومن مجتمع لآخر.
كما تظهر نتائج ظاهرة العنصرية على نطاق مجتمعي وتتقلص حتى تصل إلى نواة المجتمع وهي العنصرية الأسرية، التي توجد بين الأطفال وبعضهم، الأولاد والبنات، وغيرها من أمثلة ظهرت فيها نتائج سلبية للفكر العنصري بأشكال مختلفة.
أشكال العنصرية المختلفة
تتعدد أشكال ومظاهر العنصرية فقد تظهر على نطاق واسع ضد مجموعة من البشر وقد تظهر بصورة فردية ضد شخص معين، وفيما يلي بعض من مظاهر العنصرية:
- العنصرية ضد لون البشرة
كما يحدث في بعض الدول ضد أصحاب البشرة السمراء من إقصاء وتهميش، وتمييز أصحاب البشرة البيضاء وإعطائهم الأفضلية.
- العنصرية ضد المستوى الإجتماعي
حيث يتم تصنيف البشر إلى طبقات اجتماعية والتمييز بينهم.
- العنصرية ضد المستوى التعليمي والثقافي
والذي يتمثل بتولد النفور تجاه البعض لمجرد أنه لا يحمل شهادة معينة أو مستوى معين من التعليم والثقافة.
- العنصرية المجتمعية
والتي يتم فيها إقصاء الأفراد المخالفين للقيم المجتمعية وعرف المجتمع.
- العنصرية العرقية
عندما يتم اضطهاد البعض وفقاً لطبيعة أصولهم العرقية على اعتقاد أن هناك أفضلية لبعض الأصول عن الأخرى.
- العنصرية الدينية
والتي تحدث من قبل الأغلبية الدينية ضد الأقلية في دولة ما أو مجتمع معين.
- العنصرية ضد النوع
والتي تقوم على الإنحياز للذكور ضد الإناث أو العكس.
- عنصرية المظهر والشكل
والتي تقوم على النفور من بعض الأشخاص وتمييز البعض الآخر تبعاً لمظهرهم وشكلهم.
- عنصرية اللغة
وذلك عن طريق ترتيب أهمية اللغات المختلفة وفقاً لقوة ناطقيها وعددهم والتقليل من قدر اللغات الأخرى.
قد يهمك:- ما هو الاغتراب النفسي الاجتماعي وأسبابة وكيف تعالج نفسك ؟
الإسلام ونبذ ظاهرة العنصرية
إن الدين الإسلامي أوصى بالمساواة بين جميع البشر، كما أكد على ضرورة التمتع بحسن الخلق والمعاملة، وأن يترك المسلم بصمة إيجابية في نفس كل من يقابله، هذه البصمة التي تعتمد على أسس احترام الآخر وتقبل آراءه، دون المساس بالمعتقدات الدينية الأخرى، “فلكم دينكم ولي دين”.
وفي التاريخ الإسلامي كانت المساواة بين المسلمين والأقباط وكان حكم الصحابة قائم على العدل ورد الحقوق لأصحابها دون التمييز بين المسلم وغير المسلم، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن فكرة التعصب بشكل عام.
هل يوجد دوافع خفية وراء ظاهرة العنصرية ؟
قد يكون هناك دوافع نفسية خفية وراء ظهور الأفكار العنصرية والتعصب لها، فوجودها بنسب متفاوتة لدى الأشخاص يعكس طبيعتهم النفسية، ومن أهم هذه الدوافع:
- موروثات ثقافية تخلق شعوراً بأفضلية الذات.
- تقدير الذات وإيثار النفس على الآخر.
- الإعتقاد في العنصرية للبقاء، حيث يشعر البعض أن البقاء للأفضل دائماً والأقوى والأغلبية.
- فكرة التمييز حيث أظهرت عدة دراسات أن الأشخاص يميلون لمن يشبههم في الفكر والهوية والشكل واللون وغيرها.
- نمو فكرة الانحياز التي تعزز بالتالي فكرة النفور والإقصاء.
- نزعة الصراع الفطري للحصول على السلطة أو الموارد أو الإمتيازات.
- اعتقاد البعض أن شعورهم بالأهمية في الحياة ينبع من كونهم هم الأفضل.
- اتجاه البعض نحو الرأي السائد لتعزيز شعورهم بالإستقرار، بغض النظر عن مدى اقتناعه الشخصي به، حيث يجد إحساساً بالأمان في الإنتماء للأغلبية والإنتماء للأقوى.
- وجود العديد من الشخصيات العامة التي تروج للعنصرية بعدة طرق أدت إلى التأثر النفسي بهذه الشخصيات واتخاذهم قدوة ومثل أعلى.
- شعور الأقلية دائما بالخطر والخوف داخل مجتمعاتهم أدى إلى استغلال البعض لهذا الخوف العمل على زيادة تهميشهم وإقصائهم لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية.
ماهي نتائج العنصرية وأضرارها الفردية والمجتمعية ؟
تأتي نتائج العنصرية في أشكال متعددة، سواء مباشرة أو غير مباشرة، واتباع الفكر العنصري يعود بالضرر على الفرد والمجتمع ككل فهو يؤدي إلى:
- اندلاع الحروب.
- حدوث الفتن الطائفية داخل الدولة الواحدة وعلى نطاق دولي أوسع.
- انتشار الجرائم والحوادث.
- تفشي الفساد داخل المؤسسات.
- توليد المرض النفسي لدى الأفراد، حيث يتولد لديهم طاقات من الغضب والكراهية تعود بالسلب على المجتمع.
- عدم الشعور بالأمان داخل المجتمع وظهور نزعات عدوانية.
قد يهمك:- هل سمعت بمصطلح الشخصية السيكوباتية من قبل ؟.. إليك تفاصيل عنها
حلول ظاهرة العنصرية وكيفية تقويم الفرد تجاهها
تتعدد الطرق التي من خلالها يمكننا التغلب على التعصب الفكري والتمييز بشكل عام والتي من ضمنها ما يلي:
النظام التعليمي
من أهم حلول العنصرية زراعة مبدأ المساواة لدى الأطفال الصغار، وغرس قيم احترام الآخر وتقديره حتى لو كان مختلفاً، فالنظام التعليمي له دور هام في تنمية معنى العنصرية أو القضاء عليه.
كما أن ما يستقبله الطفل من قيم أثناء مراحل تعليمه المختلفة يعود حصاده على أسرته ومجتمعه، فعلينا الإهتمام بالجانب التعليمي حتى يكون حصادنا هو القضاء على الفكر العنصري، وإخراج أجيال تخلق حلول العنصرية وتطبقها.
وضع القوانين
يأتي بعد ذلك دور الدولة والمؤسسات في وضع قوانين رادعة لمن يتصف بهذا الفكر أو يقوم بممارسات عنصرية سواء باللفظ أو الفعل، وخلق عرف جديد يعمل على معاقبة كل من يتسبب في أذى نفسي لأي شخص بسبب اختلافه.
البنية الأسرية
إن الأسرة هي نواة المجتمع فإذا صلحت صلح المجتمع ككل، لذا علينا الحرص في المعاملات الأسرية اليومية على القضاء على هذا الفكر، وأن يمثل كل أب وأم قدوة لأبناءه في تعامله مع الأشخاص واحترام الآخرين.
الإعلام
إن وسائل الإعلام المختلفة لها دور هام في خلق حلول العنصرية، فهي قادرة على توجيه الفكر ضد مبدأ التعصب، والعمل على خلق حالة من الوحدة بطرق عديدة مباشرة وغير مباشرة، وجدير بالذكر أن أحد أسباب انتشار ظاهرة العنصرية هو بعض ما ينقل عبر وسائل الإعلام من تصدير طاقات تمييز سلبية في مختلف المجالات.
في النهاية تعد ظاهرة العنصرية سلوك سلبي يخلق العديد من السلوكيات العدوانية التي تقضي على تماسك المجتمع وتسبب له الضعف والإنهيار، لذا وجب على الجميع التكاتف معاً للقضاء على ظاهرة العنصرية وإيجاد حلول لها وتجنب مخاطرها.
قد يٌعجبك أيضًا:
- ظاهرة التنمر: ما هي وأسبابها وكيف نتعامل معها ؟
- ما هو القتل الرحيم ؟.. ظاهرة قتل الأحياء بحجة المرض !
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية