الاضطراب ثنائي القطب هو مرض نفسي عاطفي يؤثر على الحالة المزاجية والقدرات العقلية والبدنية بصورة مبالغ فيها دون أسباب واضحة، وقد انتشر مؤخراً تشخيص هذا النوع من الأمراض النفسية، الذي يجمع بين حالتين مرضيتين مختلفتين بالتناوب على فترات كبيرة أو صغيرة، فما هو اضطراب ثنائي القطب وكيف يتم تشخيصه، وما هي أسبابه والأعراض التي تميزه وطرق علاجه؟.
ماهو الاضطراب ثنائي القطب ؟
سُمي “ثنائي القطب” لأنه ذو قطبين متباعدين في وصف الحالة العاطفية للمريض كل منهما عكس الأخر تماماً في الأعراض والتأثير وهما حالتي الاكتئاب والهوس.
يظل المريض متأرجحاً بين حالة الإكتئاب القوية التي قد تصيبه دون أسباب منطقية وبين نوبات من الهوس أو الابتهاج الخفيفة والشديدة على فترات مختلفة في حياته قد تطول أو تقصر.
تترك كل حالة نفسية منهم أثراً سلبياً على حياة الشخص وقدرته على آداء مهامه اليومية والإستمتاع كما تسبب له العديد من المشكلات التي قد تصل إلى قطع العلاقات بالآخرين.
تُعد نسبة انتشار هذا المرض بسيطة مقارنة بحالات الإكتئاب وهي لا تتعدى ال 3% وفقاً للحالات التي يتم تشخيصها بصورة صحيحة، كما أن الشباب هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة في مراحل مختلفة.
إن الاضطراب ثنائي القطب يعد من أكثر الأمراض النفسية خطورة نظراً لتذبذب الحالة بين عدد لا نهائي من الأعراض المتقابلة والتي تضر صحة الشخص النفسية والجسمانية والإجتماعية، وهناك نوعان يتم تصنيف هذا الاضطراب من خلالهما هما:-
الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول
يتسم هذا النوع بقوة حالات الهوس التي تدوم لفترات طويلة قد تصل إلى ستة أشهر، ثم تتبعها حالات من الإكتئاب الشديدة وأكثر تعقيداً وأصعب في الأعراض والعلاج.
الاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني
يتميز بقوة أعراض حالة الإكتئاب وطول مدتها مع ظهور نوبات من الهوس قد تكون بسيطة في الشدة وعلى فترات متباعدة.
نوبات الإكتئاب
تعتبر الشق الأول من الاضطراب ثنائي القطب وتتسم هذه النوبات بمجموعة من الأعراض التي تظهر على المريض فجأة دون دوافع مسبقة، وأهم هذه الأعراض ما يلي:
- الشعور بالحزن الشديد.
- عدم القدرة على العمل والقيام بالمهام اليومية.
- اضطرابات النوم وعدم الرغبة في الاستمتاع بالحياة.
- الخمول البدني.
- فقدان الشهية ونقص ملحوظ في الوزن.
- الرغبة في الإنتحار.
- التوتر والقلق الدائم.
- الإصابة بالإمساك.
- زيادة الرغبة في البكاء.
- الانطوائية والميل إلى العزلة.
- التعامل مع المواقف والأحداث بعصبية شديدة.
- الشعور الدائم بالذنب.
قد يهمك:- ماذا سيحدث لعقلك وجسمك إذا توقفت عن النوم يومين فقط ؟
نوبات الهوس (السعادة الشديدة والابتهاج)
هي الشق الثاني من حالة الاضطراب ثنائي القطب، حيث يُصاب فيها المريض بحالة من الابتهاج الشديد والنشاط المبالغ فيه والتفاؤل الغير واقعي الذي يدفع الشخص للقيام بتصرفات وأفعال غير طبيعية، قد تسبب له الضرر والأذى، ومن أهم الأعراض التي تظهر في حالة الهوس ما يلي:
- الشعور الشديد بالبهجة.
- التعصب للذات ومدى أهميتها.
- شعور الفرد بأنه قادر على أن يفعل كل شئ.
- زيادة الثقة بالنفس عن الحد الطبيعي.
- القيام بأفعال مفاجئة وطائشة.
- الإفراط في الجمع بين الأفكار والأعمال المتعددة في وقت واحد.
- زيادة الطاقة.
- فقد الاتصال بالحياة الواقعية.
- ظهور الهلاوس والتهيؤات.
- غرابة التصرفات.
- التعامل بطريقة غير منطقية وغير لائقة.
- أنفاق المال بصورة عشوائية غير مخططة أو محسوبة.
- التحدث في شتى المواضيع التي لا تربطها علاقة في آن واحد وبسرعة كبيرة.
- الأفكار الجنونية الغير منطقية.
كما أن من يعاني من حالة الهوس غالباً لا يشعر بأن هناك أمر غير طبيعي، ولكن من حوله هم من يلاحظ التغيرات.
كما أنه ليس شرطاً أن تتوافر جميع الأعراض في شخص واحد، فقد تختلف أعراض الإصابة من شخص لآخر، وفقاً لطبيعة الشخص وسلوكياته اليومية ومستواه الثقافي والإدراكي وشدة الحالة المرضية .
أهم أسباب الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب : تجنبها
لم يحدد الباحثون أسباباً واضحة للإصابة بهذا المرض، ولكن رجح البعض أسباباً تعتمد على أحد العوامل الآتية:
- سبب وراثي حيث يتم توارثه عن طريق الجينات ويصبح من كان لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض هم أكثر عرضة له عن غيرهم.
- التعرض لضغوط الحياة المختلفة التي تعمل على إهلاك الجهاز العصبي واضطرابه.
- تغير في النشاط الكيميائي للدماغ.
- التعرض للصدمات النفسية المفاجئة.
- التوتر المستمر والإجهاد الفكري الشديد.
- مشاكل العمل والعلاقات الاسرية المتفككة وشعور الفرد الدائم بالوحدة.
كيف يتم تشخيص المرض؟
عندما يذهب المريض للطبيب النفسي أثناء نوبة الإكتئاب، يستطيع الطبيب التفريق بين ثنائي القطب وحالات الاكتئاب الأكثر انتشاراً، عن طريق التاريخ المرضي وما إذا كان المريض أصيب بحالات هوس سابقة وتحديد مدتها وشدتها.
جدير بالذكر أن اضطراب ثنائي القطب يتشابه بشكل كبير مع مرض الانفصام الوجداني فيجد الطبيب صعوبة في التشخيص والتفريق بينهم لتشابه الأعراض بشكل كبير، وهناك نسبة من المرضى يعانون من المرضين معاً في وقت واحد، ويعد الاختلاف الرئيسي هو أن من يعاني من الانفصام ينفصل عن الواقع بشكل تام.
للمزيد:- كيف تتغلب على خوفك من أي شيء لتحقيق النجاح والراحة النفسية ؟
كيف يمكن علاج الاضطراب ثنائي القطب ؟
يعتبر اضطراب ثنائي القطب من الأمراض النفسية التي يطول علاجها، وقد يظل مرافقاً المريض طيلة عمره دون شفاء. لكن طرق العلاج المختلفة تعطي فاعلية أكبر في تقليل الأعراض المصاحبة له وتخفيف ظهورها، ومن أهم هذه الوسائل ما يلي:
العلاج الدوائي
يقوم الطبيب المعالج بوصف بعض العقاقير التي تساعد على ضبط الحالة المزاجية والشعور العاطفي مثل عقار الليثيوم أو صوديوم فالبرويت الذي يتم وصفه لعلاج حالات الصرع، ولكل منهما آثاره الجانبية التي يتم تنبيه المريض لها بهدف الحد منها.
العلاج السلوكي
حيث يتم العلاج عن طريق التقويم النفسي والسلوكي والتدرب على ذلك بعدة طرق مختلفة أهمها:
- إدراك طبيعة المرض وأعراضه حيث أن المريض نادراً ما يدرك الأعراض التي تظهر عليه وعلاقتها بالمرض.
- محاولة السيطرة على الشعور العاطفي أثناء نوبة الاكتئاب، وبعض السلوكيات الطائشة أثناء نوبة الهوس.
- البعد عن الضغوط النفسية التي تؤثر على النشاط الكيميائي في الدماغ.
- تجنب بعض أنواع الطعام والشراب التي تسبب تغير مفاجئ في الحالة المزاجية.
- التقليل من تناول الكافيين.
- الحرص على استقرار الحياة والاستمتاع بها، والاستغراق في العمل.
- شغل أوقات الفراغ فيما يفيد.
- ممارسة التمارين الرياضية التي بدورها تقوم بتحسين الحالة المزاجية والنفسية.
- ضبط النفس في حالات الغضب والفرح الشديد.
- المتابعة الطبية الدورية للحالة ومدى تقدمها ونسبة نجاح طرق العلاج.
ويعتبر العلاج السلوكي علاجاً تكميلياً بجانب تناول الأدوية التي يصفها الطبيب تبعاً لكل حالة، ولا يمكن الاكتفاء به دون علاج طبي لتجنب تطور الحالة وحدوث مضاعفات.
كما أن من أهم شروط العلاج هو تعريف المحيطين بالمرض، ووجود أشخاص داعمين للمريض على قدر كافي من الإدراك للحالة وكيفية التعامل معها في بعض المواقف الصعبة، مما يزيد من فاعلية العلاج.
هل هناك مضاعفات للاضطراب ثنائي القطب؟
قد تلحق بالمريض بعض المضاعفات الشديدة عند إهمال علاج المرض أو التوقف المفاجئ عن تناول الأدوية والتي منها التفكير في الانتحار وارتكاب الجرائم وجرائم القتل.
في الختام فإن مرض الإضطراب ثنائي القطب لا يمكنه أن يعيق الحياة بصورة سليمة وصحية، إذا تم اتباع التعليمات الطبية والسلوكية بشكل مثالي.
قد يُعجبك أيضًا:
- هل سمعت بمصطلح الشخصية السيكوباتية من قبل ؟.. إليك تفاصيل عنها
- ظاهرة العنصرية: أشكالها وحلوها ودوافعها الخفية !
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية