تعد “مدينة تدمر” واحدة من أهم وأقدم المدن الأثرية التي تتواجد بدولة سوريا حيث كانت تلك المدينة محطة تجارية ذات أهمية كبيرة للغاية بين كلًا من أوروبا وآسيا وقد ازدهرت خلال النصف الثاني من القرن الأول “ق م ” وكانت وقت إذاً تحمل طابع مميز ممزوج بالطراز الروماني والإغريقي فكانت جميع المدينة تتميز بالرقي والفخامة وفيما يلي ومن خلال السطور التالية سوف نعرض لكم المزيد من المعلومات حول تلك المدينة الفريدة.
ما هي مدينة تدمر
تدمر هي من أهم الوجهات السياحية السورية التي تضم عدد هائل من المواقع الأثرية الفريدة للغاية التي ولدتها الحضارات عبر التاريخ حيث كانت من أهم المراكز التجارية التي تربط بين تجارتي كلًا من أسيا وأوروبا وكانت تلتقي القوافل بها من شتى بقاع الأرض وبمختلف الثقافات.
وفي القرن الأول الميلادي تم الإستيلاء على تلك المدينة من قبل الرومان وتمكنوا وقتها من حمايتها ضد هجمات الفرس وفي منتصف القرن الثالث الميلادي حكمت المدينة ملكة تدعى “زنوبيا”.
تمكنت تلك الملكة وقتها من التوسع بمملكتها والإستيلاء على العديد من الدول الأخرى بآسيا الصغرى ومصر وتركيا ولكن تمكن الرومان من إلحاق الهزيمة بها وتدمير مملكتها بما يتضمن تدمر. وبعد ذلك تم إعادة بناء المدينة مرة أُخْرى لكنها فقدت عند إذٍ أهميتها التاريخية كونها من أهم المراكز التجارية نظرًا لتغير سير القوافل وعدم المرور من خلالها بعد ذلك.
أين تقع مدينة تدمر
تقع تلك المدينة الأثرية الفريدة بوسط دولة سوريا بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط شمال شرق العاصمة دمشق بما يقارب 210 كلم ونظرًا لموقعها الجغرافي المميز كان من أهم طرق التجارة بين الشرق والغرب بمختلف العصور التاريخية القديمة.
وقد لعبت دورًا كبيرًا في الربط بين كلًا من بلاد ما بين النهرين وبين الإمبراطورية الرومانية منذ وقتًا طويل، ليس ذلك فقط تأتي المدينة بأحد المعابر الجبلية المتواجدة على سفح جبل (المنظار) بين سلسلة من الجبال تدعى بتدمر كذلك.
تأتي تلك المنطقة بالعديد من ينابيع المياه الغنية مما جعلها واحة خضراء بالعصور القديمة تتوقف بها القوافل أثناء ترحالها للبلاد المجاورة سواء بلاد فارس أو الخليج العربي أو جميع بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط.
أهمية تدمر عبر التاريخ
كما ذكرنا من قبل تعد تدمر واحدة من أهم المدن الأثرية بسوريا التي ذكر إسمها لأول مرة عام 1000 ق م في أحد المصادر وكانت تدعى حينها بإسم (بالميرا) في اللغات الإغريقية واللاتينية أي مدينة الخيل.
كما تم استخدام هذا الإسم بعد حكم الرومان لها بالقرن الأول الميلادي، وترجع أهمية تدمر التاريخية في احتوائها قديمًا على بحيرة غنية بالماء العذب بالجزء الشرقي منه وقد إعتاد الناس قديمًا على إستخدام مياه تلك البحيرة وصيد الحيوانات التي كانت تتواجد بالقرب منها.
أيضًا عثر بجبال تدمر على العديد من الأدوات الحجرية التي يعود عمرها إلى العصر البرونزي منذ 2000 سنة ق م تدل على وجود حياة الإنسان القديمة بها خلال تلك الفترة.
كذلك عثر على العديد من النصوص والمخطوطات القديمة بمدينتي إيمار وماري الواقعين على نهر الفرات وتم ذكر “مدينة تدمر” بهما بالإضافة إلى العديد من المخطوطات الأشورية التي ترجع لأكثر من 1000 سنة ق م.
سبب إنهيار مملكة تدمر
يعتقد العديد من علماء الأثار أنه تم تدمير مدينة تدمر في وقت الدولة الأخمينية الفارسية أو أثناء حكم الدولة البابلية الحديثة وذلك قبل 500 عام من ميلاد المسيح وبالرغم من ذلك رجعت مرة أخرى على أقدامها لتكتسب أهميتها مرة أخرى في وقت العصر السلوقي.
وحينها أصبحت من الدول المستقلة كغيرها من الدولة المزدهرة في ذلك الوقت مثل إمارة حمص في الغرب ودول الأنباط في الجنوب وفي القرن الأول بعد الميلاد استولت الإمبراطورية الرومانية على المدينة.
كما أضاف الإمبراطور الروماني “هارديان ” إليها العديد من الإمتيازات ولكن مع سيطرة الدولة الفارسية لها فقدت أهميتها التجارية وظلت كذلك فترة من الوقت حتى نجح بعض الحكام في حمايتها ضد الفرس.
وفي القرن الثالث الميلادي حكمت الملكة “زنوبيا ” تدمر وهي واحدة من أشهر الحكام مدينة تدمر عبر التاريخ نظرًا للتغيرات الإيجابية التي استطاعت من تحقيقها في رفع قدر المدينة في فترة مليئة بالاضطرابات السياسية في الإمبراطورية الرومانية. وفي عهد الملكة “زنوبيا” توسعت المدينة بشكل كبير فتضمنت كلًا من الشام ومصر وفلسطين إلا أن هذا الأمر لم يستمر لوقت طويل حيث خَسرت زنوبيا حربها مع الإمبراطور الروماني (أوريليان). مما ترتب عليه نهب ثروات البلاد وتخريبها وبالرغم من إعادة بناء تلك المدينة مرة أخرى بعد ذلك إلا أنها لم تستعيد أمجادها السابقة قط.
آثار مدينة تدمر
تعج مدينة تدمر بالكثير من الآثار التاريخية القديمة نظرًا لما كانت عليه من قبل وهناك واحدة من أكبر المراكز الثقافية التي جمعت العديد من ثقافات البلاد بمكانً واحد فجاء الفن المعماري بتدمر متؤثرًا بالعمارة اليونانية والرومانية والفن الفارسي فضلًا إلى الفن المحلي الفريد.
ومن الجدير بالذكر أثناء كلًا من القرن السابع والثامن عشر تمكن الرحالة الأوروبيون من العثور على الكثير من آثار تدمر الفريدة ونقلوه إلى بلادهم مما لعب دور كبيراً في إحياء طراز التصميم المعماري القديم ببلاد الغرب أما عن أهم الآثار الثابتة في تدمر التي تشهد على تاريخ تلك المدينة العظيم هي كالآتي:
معبد نبو
هو أحد المعابد الخاصة بعبادة “الإله نبو” إله التنبؤ والحكمة عند السورين القدماء ومن شدة حب العامة لهذا الإله كان يدرج أسمه بجوار أسم كبير الآلهة (بل مردوخ)، كما يرجع تاريخ هذا البناء العتيق إلى أواخر القرن الأول الميلادي وقد تم إجراء العديد من التعديلات والزيادات عليه حتى أوائل القرن الثالث الميلادي.
المسرح الروماني
تنقسم عملية بناء المسرح الروماني إلى مرحلتين تتمثل المرحلة الأولي في بناء مدرج المسرح بالقرن الثاني الميلادي أما عن المرحلة الثانية يتم الإنتهاء من تشييد منصة المسرح بالقرن الثالث الميلادي، وقد جاء تصميم المسرح في هيئة نصف دائرة بها فسحة مبلطة من الحجارة وملحق بالمسرح 3 بوابات، تأتي البوابة الجنوبية مخصصة لدخول الحيوانات للمصارعة.
قوس النصر
هو عبارة عن بوابة ضخمة مكونة من ثلاث مداخل يترأسها قوس مزخرف بنقوش نباتية وهندسية يرجع بنائه إلى “سيبتيموس سيفيروس” في أوائل القرون الميلادية حيث يرجع بناء الجزء الأكبر لنهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث. وترجع فكرة بناء تلك البوابة لتكون ذِكرى إنتصارات الرومان على بلاد فارس ومن الجدير بالذكر يتواجد القوس بالقرب من عدة معالم أثرية مثل “معبد بل وبعل شمين”.
معبد بعل شمين
هو واحد من معابد مدينة تدمر القديمة التي يرجع تاريخ بنائها للقرن الأول الميلادي لعبادة الإله “بعل شمين” إله الكنعانيين، وقد تم إكتشافه المعبد خلال القرن العشرين الماضي علي يد علماء الآثار السويسريين ليتم تصنيفه كواحد من أهم المواقع الآثرية التي تتواجد بتدمر ومع ذلك تم هدم المعبد في عام 2015 من قبل أحد المنظمات الإرهابية.
اقرا المزيد:
- السياحة في اليابان: أفضل الأماكن السياحية في اليابان
- قاسم أمين وافكار التنوير وتحرير المرأة
- كمال أتاتورك: الرجل الذي عمل على علمنة الدولة التركية
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية