السفسطة هي اعتناق فكري يميل إلى التمويه ومغالطة الخصوم في الحوارات، فقد تنطوي في مضمونها على إفساد الصورة التي يدور حولها الحوار، لذا فقد اعترض عليها بشكل كبير مختلف الفلاسفة والحكماء، حيث وجدوا أنها تحيد عن الحكمة التي لابد أن تحكم الأمور.
نبذة عن اتجاه السفسطة الفكري
السفسطة مصطلح علمي أو اتجاه فكري أُطلق على الأشخاص اللذين يحاولون إقناع المتحاورين معهم بخلاف الحقائق، من خلال تغيير الحديث تبعًا للظروف المحيطة وما يدور حوله الكلام، فما هي إلا نوع من المغالطات التي يستند إليها المتكلم لتفسد مضمون الحوار الأساسي وتغييره في مسار آخر، حتى أنها عجزت في بداية الأمر عن إثبات إن كانت الأرض قد نشأت من ماء أو من تراب أم من نار أو هواء.
ربما تُخيل على المُخاطب وتوقعه ضحية للمتكلم نتيجة لتلك المحاولات السفسطائية المميتة، التي تجعله يصدق كل تلك الأقاويل الكاذبة المخادعة، فهي في التدقيق اللغوي والتفسير اليوناني تعني الحكمة وأصول المعرفة، ومن ثم يتم إطلاق لفظ سفسطائي على الشخص الحكيم البارع في مخادعة من حوله بالكلام، ولكن في الأساس لقد أطلق الفلاسفة على السفسطائيين مدعي الحكمة، وليسوا حكماء بالفعل.
ولكن ليسوا فلاسفة كما يدعون، حيث أن الفلاسفة الحقيقيين هم من ينظرون لحقائق الوجود تبعًا للشمولية التي تتطلب الإحاطة بجميع المبادئ والأسس الأولى للحديث مع الآخرين، وهذا ما لا يمكن أن يتواجد في الأشخاص السفسطائيين مدعي الحكمة.
النشأة التاريخية للسفسطة
مفهوم السفسطة ارتبط في مجمله بالحركة السفسطائية التي تعد حركة اجتماعية فكرية ظهرت للمرة الأولى في دولة اليونان في أعقاب القرن الخامس قبل الميلاد، والتي كانت شعارها الإنسان مقياس لمختلف الأشياء، وحاربت من أجل تزييف الحقائق وادماجها مع الظروف من خلال ما يلي:
- لقد اعتنقت السفسطة اللجوء إلى الحيل والمخادعة الخطابية والتلاعب بالألفاظ لتطويع الأمر لمصالح شخصية للمحاور.
- السفسطائيون نظرًا لبراعتهم في السفسطة، لم يكتفوا باعتناقها وحدهم، بل سعوا لإقناع البعض من خيرة المجتمع لممارستها.
- حيث بدأوا في تدريس تلك الاعتناق الفكري وترسيخه في أذهانهم، في حالة الرغبة في تحقيق مصالح شخصية لهم ونجاحات اجتماعية ذات أثر بعيد.
- فقد كان لهذا أثر بالغ في جمع الكثير من الثروات لمختلف الأشخاص في تلك الآونة من الوقت، على الرغم من تعرضهم للانتقاد من قبل المحيطين بهم.
- وكان على رأس المنتقدين المدرسة العقلانية في تدريس الفلسفة اليونانية، مثل سقراط وأرسطو وأفلاطون، وغيرهم من الفلاسفة.
- فقد استندوا على بعض الحقائق لدي السفسطائيين، وطريقة أحاديثهم في التمويه والخداع والحوارات المتناظرة بينهم وبين الآخرين.
- فقد أدى ذلك لتقليص تلك الحركة شيئًا فشيئًا، لكي تمنح الفكر العقلاني إمكانية الظهور واحلاله محلها بعد فترة من الوقت.
- فقد استندت مدرسة الفلسفة على قيمة تجسيد الحقائق في مختلف النقاشات، وجعلها سيد الموقف وليست السفسطة المغرضة.
- وأصبحت تندرج تحت نص الخداع، والأشخاص المتحايلين في طريقة كلامهم للوصول لأغراضهم الشخصية التي يمكن إعاقة مسيرتها بالطرق السوية.
أسس وأهداف فلسفة السفسطة
هناك العديد من الأهداف التي تهدف إليها فلسفة السفسطة، تبعًا لما أقره المتخصصين كانت كما يلي:
- تعد من أكثر الصفات المذمومة حيث أنها تعتمد على الجدل وتطويع الأمر للمصلحة الشخصية كنوع من الانتصار، على الرغم من أصلها الذي يعود للحكمة والمعرفة.
- الأشخاص السفسطائيين فئة من المجتمع يسيرون بين الناس بتفشي الحجج والأقاويل المزورة لمجرد الاقناع بغير الحقيقة.
- في العلم الإغريقي يعد فن الكلام من الفنون العظيمة ذات الشأن الرفيع، حيث أن الحكومة الاغريقية نشأت على الديمقراطية التي من أهم بنودها التعبير والاقناع.
- فلسفة السفسطة علم قائم على الحقيقة النسبية، التي تسعى لتحقيق مصالح شخصية، فقد يكون الشخص ذاته هو حامل الحقائق لذا لابد من امتلاك القدرة الرهيبة على الاقناع.
- العمل على جذب الأشخاص والانتصار عليهم في الحوارات القائمة بينهم، حيث أن السفسطة هي القدرة على التأثير الإيجابي في الأشخاص لإقناعهم.
- لقد كان وراء انتشار السفسطة في بلاد الاغريق أهدافًا هامة، على رأسها ترسيخها في أذهان الشباب ليعمل بها في حياته بشكل عام.
سقوط فلسفة السفسطة
لقد عانى الفيلسوف سقراط مع اسقاط فلسفة السفسطة، حيث حاربها بشكل كبير وطوعها لخدمة العامة من البشر، لا للخدمة الشخصية لشخص بعينه، حيث أسفرت تلك الحروب عن سقوط سقراط واعدامه في يوم لا ينسى في التاريخ، فقد كان يومًا مشهودًا.
واستلم راية اسقاط السفسطة أحد تلامذته النجباء أفلاطون، الذي اعتنق نفس الشعار وأستكمل مسيرة معلمه، ولكن مع بعض الاختلافات التي جعلته يدون مقاوماته بدلًا من التحدث شفاهة، ومن هنا كان تأسيس المدرسة الفلسفية، وبعد موته أعتنق المبدأ أرسطو أحد تلامذة أفلاطون.
فقد لقبه التاريخ بالمعلم الأول الذي عمل على وضع علم المنطق المعروف لوقتنا هذا، حيث استطاع أرسطو القضاء على السفسطة من جذورها، وحولها من سمة غالبة على الحكماء إلى سُباب يعد وصمة عار في حق كل من اعتنقها وعمل بها في يوم من الأيام.
اسقاط السفسطة ما بين الضرر والمنفعة
لقد رأى العديد من الأدباء والمفكرين أن سعي الفيلسوف سقراط منذ بداية الأمر لإسقاط حركة السفسطة، لم يكن في محله، حيث أن الأمر يحمل في طياته بعض الأضرار التي عادت على الفرد والمجتمع، والتي هي كما يلي:
- آرائهم تنحصر في كون السفسطة تحمل جانبًا من الحقيقة في مجملها، حيث أن الحقيقة موضوعية وذاتية في آن واحد.
- من خلال إسقاط أرسطو لمبدأ السفسطة أدى إلى اهمال جانب كبير من الحقيقة، إذا ما قورنت بالحقيقة المطلقة، واستبعدت الذاتية على حساب الموضوعية.
- كما أن أرسطو أدى إلى حدوث سلبيات عديدة مثل عزل عدد من المفكرين عن الغالبية العظمى، فقد جعلهم في أبراج عاجية مع ما يحملون داخلهم من حقائق.
- جعل العامة من الأشخاص في صراعات دائمة مع متغيرات الحياة، وخلق روح من التنافر بين المفكر والشخص من عموم الناس.
- فقد جعل المفكر ينغلق على الحقيقة التي لا يمكن للعامة الوصول إليها، حيث أنه يقلل منهم ومن أفكارهم وأعمالهم ونمط الحياة التي يعيشونها.
بهذا متابعينا نكون قد تعرفنا سويًا على ماهي السفصطه وكيف ظهرت وتاريخها، وكيفية اسقاطها على يد الفلاسفة القدامى، وهل كان رأيهم صائبًا أم أن هناك سلبيات قد عادت على الفكر الغالب على عامة الناس، مما أدى إلى وجود حدود وحزازيات بين كل من المفكرين والأشخاص من عامة الناس.
قد يُعجبك أيضًا:
- ماهي الكارما وأصل الكلمة وكيف نشأت ؟
- ما هي الكاريزما ؟ .. وكيف تكتسب سمات الشخصية الكارزمية ؟
- Holen Sie sich erstklassige Replica Rolex Uhren. Entdecken Sie unsere Nachbildungen und Hommage-Uhren, die wie echt aussehen.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية