تعد اللغة العربية هي اللغة الأم من قبل ظهور الإسلام وحتى يومنا هذا، لذلك تجد أن اللغة العربية مقسمة إلى العديد من الفروع المختلفة من بينها البلاغة، وكانت البلاغة تحتل مكانة كبيرة جدًا بين العلماء والشعراء العرب قديمًا خاصة بعد الإسلام، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل وضح علماء اللغة العربية أن البلاغة تنقسم إلى فروع مختلفة، بحيث كل فرع من هذه الفروع يقوم بوظيفته في اللغة العربية وخاصة أبيات الشعر، ومن أهم فروع البلاغة يوجد فرع علم البديع، وخلال السطور القليلة القادمة في كشافك سوف ندخل في تفاصيل ما هو علم البديع ونشأته للتعرف عليه بوضوح.
ما هو مفهوم علم البديع ؟
تعرف البديع بأنها أحدث الأشياء وأجددها، ففي حالة اختراع الأمور الجديدة التي لم تتواجد بالفعل يسمى هذا إبداع، وقد عرف مفهوم علم البديع اصطلاحًا بأنه فن من فنون قول الحديث، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: “بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ”، بينما تم تعريف علم البديع في اللغة بأنه وسيلة للتعرف على وجوه حسن الكلام، ولكن يتم ذلك بشروط وهي رعاية المطابقة ووضوح الدلالة، واستخدم علم البديع بكثرة من أجل تزيين الكلام خاصة في الأبيات الشعرية.
ما هي نشأة علم البديع ؟
في سياق الحديث عن ما هو علم البديع ونشأته، يجب التعرف على نشأة علم البديع والذي يعد من العلوم الرائعة التي تنتمي إلى فرع البلاغة في اللغة العربية، وقد ظهرت البلاغة بكثرة بين العرب بعد انتشار الإسلام والمسلمين، وذلك من أجل اهتماماتهم بالتعرف على آيات القرآن الكريم وفهم المعاني التي تشير إلى الإعجاز البياني، وفي ذلك الوقت تحدث أبو هلال العسكري عن علم البلاغة قائلا “أحقّ العلوم بالتّعلُم وأولاها بالتّحفُظ -بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه- علم البلاغة ومعرفة الفصاحة الذي به يُعرف إعجاز كتاب الله تعالى”، ومن هنا بدأ الإهتمام أيضًا بعلم البديع من أجل التعرف على المحسنات البديعية في الكلام.
وبدأت العصور القديمة في استخدام علم البديع والتعرف على أقسامه، وقد قام الأديب والخليفة العباسي بن عبدالله المعتز بوضع قواعد علم البديع لأول مرة في كتاب خاص به أطلق عليه اسم “البديع”، بعد ذلك بدأ التحدث عن علم البديع كعلم مستقل، حيث قام قدامة بن جعفر بعد ذلك بالتحدث عن هذا العلم الرائع إلى جانب العديد من العلوم الأخرى في كتاب أطلق عليه اسم “نقد الشعر”، بعد ذلك انتشر علم البديع بين الأدباء وبعضهم البعض واشتد التنافس بينهم في من يقوم باستخدام علم البديع بالطريقة الصحيحة في الأبيات الشعرية، ولكن مع مرور الوقت والدخول في هذه العصور الحديثة أصبح علم البديع ضعيف جدًا في اللغة وذلك بسبب المبالغة في علم البديع وكثرة استخدامه واستخدام أقسامه أثناء إنشاء بعض النصوص الأدبية.
ما هي أقسام علم البديع ؟
علم البديع أو ما يعرف باسم المحسنات البديعية أو الزينة اللفظية في اللغة العربية، ينقسم هذا العلم إلى قسمين رئيسين وهنا المحسنات اللفظية والمعنوية، وفيما يلي توضيح لهذه الأقسام بالتفصيل:
أولاً: المحسنات اللفظية
ويأتي هنا السؤال ما هي المحسنات اللفظية؟، تعرف المحسنات اللفظية بأنها تحسين المعنى الخاص باللفظ الأصلي، وتنقسم هذه المحسنات اللفظية إلى العديد من الفروع ألا وهي:
- التصريع: يعد التصريع هو أحد أنواع المحسنات اللفظية التي تستخدم في الشعر فقط، حيث يعرف التصريع بأنه تشابه شطري البيت الأول في القصيدة في الحرف الأخير، ويؤدي ذلك إلى إنشاء توافق موسيقي يجذب انتباه القراء.
- الجناس: يستخدم الجناس بكثرة في الشعر والنثر، ويعرف مفهوم الجناس بأنه وجود كلمتين متشابهتين في النص ولكن مختلفين في المعنى، ينقسم الجناس إلى جناس تام و جناس ناقص.
- الإزدواج: يعرف الازدواج بأنه توافق الجمل التي تلي بعضها وتوازنها في التركيب و الطول والإيقاع الموسيقي، ويستخدم الازدواج في النثر فقط.
- حسن التقسيم: من الأنواع التي تستخدم في الشعر فقط، حيث يعرف حسن التقسيم بأنه تقسيم البيت الشعري بنظام معين بحيث تكون الجمل والكلمات متساوية في الإيقاع والطول.
- السجع: السجع من أكثر الأنواع المستخدمة في النثر فقط، وهو عبارة عن توافق جملتين أو أكثر في الحرف الأخير.
ثانيًا: المحسنات المعنوية
تعرف المحسنات المعنوية بأنها عبارة عن التحسينات التي يكون فيها التحسين راجع للمعنى وليس اللفظ، وتشمل هذه المحسنات المعنوية الفروع التالية:
- الطباق: يعرف الطباق بأنه وجود كلمة وعكسها في الكلام الواحد، ويستخدم الطباق بكثرة في الشعر والنثر، وينقسم الطباق إلى طباق إيجابي وسلبي.
- المقابلة: تعرف المقابلة بأنها وجود كلمة أو جملة أو أكثر من ذلك ثم يأتي بعكسها في نفس الكلام من أجل توضيح الأبيات الشعرية وإثارة الانتباه، ويستخدم هذا النوع بكثرة في الشعر والنثر.
- التورية: تعرف التورية بأنها وجود معنيين في الكلام أحدهما ظاهر غير مقصود والمعنى الآخر غير ظاهر ولكنه هو المعنى المقصود، وتستخدم التورية بكثرة في الشعر والنثر.
- مراعاة النظير: مراعاة النظير هو أحد فروع المحسنات المعنوية ويعرف بأنه الجمع بين الكلمة وما يناسبها من كلام آخر بنفس المعنى بشرط ألا يكونوا مضادين.
- الالتفات: هو الانتقال من ضمير إلى ضمير آخر في الشعر والنثر، فعلى سبيل المثال كأن الشاعر ينتقل من ضمير الغائب إلى المخاطب أو المتكلم وهكذا.
علم البديع عند السكاكي
اهتم “السكاكي” بفرع البلاغة الذي يعد من أهم فروع اللغة العربية، حيث وضح أن البلاغة تنحصر في المعاني والبيان، وقال أن علم البديع ما هو إلا متمم للمعاني والبيان، وقام “تمام حسان” بالتعليق على هذا الكلام بأنه شبيه بالبناء المتكامل وتحدث قائلاً: “فإذا عنى علم المعاني بإقامة الصرح، وعنى البيان بتقديم اللبنات ومواد البناء، فإن علم البديع يعنى بطلاء المبنى وزخرفة”، ونجد في كتاب مفتاح العلوم أن السكاكي أعطى كافة اهتمامه للحديث عن المعاني والبيان و لا يوجد أي اهتمام بعلم البديع.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية