يعد من الضرورة معرفة الفرق بين النظرية والفرضية حيث أن الفرضية من خلالها يتم تحديد أساليب وطرق معينة تعمل على مساعدة الباحث في إيجاد كذا حل لمشكلة موضوع الدراسة، وإنما النظرية تعتبر من أساسيات البحث العلمي وبراهين مؤكدة، لذا دعونا نوضح لكم خلال موضوعنا عدة نواحي مختلفة توضح الفرق بين النظرية والفرضية سواء كان من حيث التعريف أو الصيغة أو المبدأ وغيرها الكثير، بالإضافة إلى التعرف على أهم شروط النظرية والفرضية وأهمية كل منهما.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث التعريف
النظرية
تُعرف النظرية وفقًا لما ورد في معجم المعاني الجامع أنها قضية تقوم بإثبات صحة ما تقول بالحجة والبراهين. ووضح المعجم الوسيط النظرية أنها عبارة عن رأي أو اجتهاد قيل على لسان أحد العلماء محاولًا إثباته حقيقته بالبرهان. وتختلف النظرية العلمية عن الاستخدام بشكل عام لتعريف نظرية، حيث أن النظرية العلمية من الضروري أن تكون مسندة على حقائق يتم إثباتها بالدليل العلمي. أما في الفلسفة فإن النظرية تعتبر مجموعة من الآراء لتفسير مشكلة ما، ولا تختلف كثيرًا عن الفرضية في استخدامها.
الفرضية
تعريف الفرضية في العلم أنها تعتبر رأي علمي لم يتم إثبات حقيقته بعد، أي تظل الفرضية أساس للبحث حتى تُقيم ويُثبت صحتها من عدمها، فإن كانت حقيقية أصبحت نظرية علمية يتم الاستناد إليها وتنسب إلى قائلها. كما وضحها المعجم الوسيط بأنها علاقة أو علاقات بين ظاهرتين أو ما يزيد عن ذلك يتم وضعها في اختبار من أجل أن تقبل أو يتم رفضها. أما في الفلسفة، فإن الفرضية عبارة عن فكرة يتم الأخذ بها في البرهنة على مشكلة ما.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث قابلية الدحض
قابلية الدحض هي عبارة معيار قام بإطلاقه الفيلسوف البريطاني السير كارل بوبر حتى يعمل تقييم النظريات العلمية المفروضة، والتي من خلالها تكون النظرية علمية فقط، وذلك إذا أمكن عن طريق المبدأ أن يتم إثبات أنها قابلة للدحض.
وقال بوبر أن النظريات العلمية الحقيقية ليس من الممكن التأكيد عليها بشكل نهائي، لأن الملاحظات الغير مثبت صحتها، أي الملاحظات التي لا تطابق مع الافتراضات التجريبية للنظرية، ممكنة دومًا على الرغم من الملاحظات التي تم تأكيدها وإجرائها بالفعل، وبدلاً من ذلك، يتم دعم النظريات العلمية تدريجيًا عن طريق عدم وجود دلائل ليست مؤكدة من خلال عدة تجارب تم تصميمها بشكل جيد.
في فلسفة العلم يرفض بوبر الطريقة الاستقرائية في العلوم التجريبية، فوفقًا لهذه الطريقة، من الممكن اختبار الفرضية العلمية والتأكد منها عن طريق الحصول على النتائج المتكررة للأدلة المثبتة، وكما أوضح الفيلسوف التجريبي الاسكتلندي ديفيد هيوم، فإن مجموع لا نهائي فقط من تلك النتائج المبرهنة يمكن أن يقوم بإثبات صحة النظرية، وهذا شيء صعب، ووفقا لذلك لن يكون ثبوت صحة الفرضيات شيء ممكن.
لذلك اعترض بوبر بدلاً من ذلك بأن الفرضيات يتم التأكد منها عن طريق ما أطلق عليه “معيار قابلية الدحض”، فعبر هذه الطريقة، يقوم الباحث بالبحث عن استثناء مقنع لقاعدته الفرضية، وبالتالي فإن لم يوجد هناك دلائل متناقضة تصبح نظريته سليمة.
وفقًا لبوبر، فإن العلوم الزائفة مثل علم التنجيم، والميتافيزيقا، والتحليل النفسي الفرويدي ليست علوم تجريبية، بسبب عدم نجاحها والتزامها بمبدأ قابلية الدحض، ووفقا لذلك، فإن الفرضية لا تتقدم حتى تكون نظرية علمية إلا تم إخضاعها لهذا المبدأ.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث الاستخدام
يختلف استعمال أو تطبيق النظرية عن الفرضية، فمن خلال الاستدلال العلمي يتم خلق فرضية قبل أن يُجري أي بحث قابل لتطبيقه، بينما النظرية من جانب آخر يتم دعمها بالدلائل أي أنها مبدأ تكون كمحاولة لتوضيح الأمور المؤكدة بالفعل عن طريق التجربة والبرهان.
أما بالنسبة لاستخدام النظرية والفرضية في العلوم اللا تجريبية، مثل العلوم الإنسانية وما شابه من المجالات التي لا تستند على المنهجية العلمية التجريبية، في الغالب ما يتم استعمال مصطلح الفرضية أو النظرية حتى يشير الباحث إلى فكرة معينة أو تخمين، ولا يكون هناك فرق بينهما، وذلك لأن المعنى المطلوب ليس من الممكن دعمه بالدلائل التجريبية.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث الصيغة
يتم استخدام مصطلح الفرضية حتى يعبر الباحث عن فكرة أو تخمين، لكن حتى يعبر عنها بشكل علمي في العادة ما يتم الاعتماد على الصيغة السببية، وهي الصيغة التي يتم الاعتماد عليها باستنتاج شيء متغير وفقًا لمعتقدات ثابتة، أي أنها تستند إلى النتيجة والسبب، عن طريق الربط بين السبب والنتيجة المترتبة عليه من خلال صيغة “إن حدث كذا… إذًا النتيجة كذا”.
أما مصطلح نظرية فيتم استخدامه عادة عندما يعبر الباحث عن فرضية مؤكدة بالأدلة والبراهين، ولذلك فإن صيغتها تستند إلى حقيقة صيغة الفرضية، كما ويتم الاعتماد على صحة الدلائل المثبتة عليها، وتختلف هذه الدلائل باختلاف موضوع النظرية.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث الشروط
للنظرية مجموعة من الشروط يجب أن تتوفر بها حتى تحصل على مسمى نظرية، وتتضمن هذه الشروط كالتالي:
- ينبغي أن تكون النظرية لها علاقة مباشرة بالنظام المنطقي المحدد وأن تكون المعلمات حقيقية.
- ينبغي أن تكون النظرية كاملة.
- أيضًا لابد أن تكون اقتصادية، بمعنى أنها ينبغي أن تكون بدون حشو وأن تشير إلى الحقائق بصورة مختصرة لكن كافية.
- أن تتفق مع حدسنا السليم.
- ينبغي أن يتم دراستها وإثباتها من خلال التجربة والخطأ.
للفرضية أيضًا عدد من الشروط لكنها مختلفة عَ شروط النظرية، تتضمن ما يلي:
- تقوم الفرضية بعرض فكرة أو تخمين يعبر من خلاله الربط بين المسبب والسبب.
- يجب أن تشمل على مؤكدات ومتغيرات، وذلك لأن توقع النتائج يستند على ثوابت أو بيانات سابقة.
- ليس من الشرط أن يتم إثبات الفرضية عن طريق المنهجية العلمية التجريبية، وإذا أثبتت أصبحت نظرية.
أهمية الفرضية
الفرضية أهمية كبيرة تكمن في العديد من الأهداف المرجوة، سوف نذكرها لكم وهي كالتالي:
- من خلال وضع الافتراضات يتمكن الباحث أن يتجه بشكل مباشر إلى الإثباتات العلمية التي يجب البحث عنها لتحقيق أهداف البحث بدلًا من ضياع جهده بدون غرض محدد.
- يساعد وضع الافتراضات في تمكن الباحث للكشف عن العلاقات بين الظواهر المتنوعة التي تحتوي على مشكلة البحث حيث أنها تكون مساعدة في اختيار الطرق التي تلقي إشارة على المشكلة وربط المتغيرات ببعضها في إطار المعرفة العامة للظاهرة أو المشكلة.
- يساهم وضع الفرضيات في تحديد نشاط أولويات البحث وتركيز انتباه الباحث إلى العوامل التي يريد أن يدرسها وتحديد المعلومات المطلوب الحصول عليها والتي لها ارتباط وثيق بالبحث “موضوع الدراسة”، وعدم جلب أي معلومات ليس لها أي صلة بالبحث، وبذلك يتم تحديد مجال البحث بدلًا من تركه مفتوح مما يوفر وقت ومجهود على الباحث.
- إن وضع الفرضيات لها دور كبيرة في مساعدة الباحث في تقديم نتائج البحث الذي قام به بشكل يساعد الآخرين على فهمه سريعاً، كما تساعد الفروض لما سوف يخمنه الباحثون الآخرون من موضوع الدراسة.
أهمية النظرية ووظائفها
تكمن أهمية النظرية العلمية فيما تؤديه من وظائف معينة في مجال العلم حيث تعتمد النظرية على الوظائف التالية:
- تُعد النظرية مفتاح لتحديد نطاق الحقائق التي يتم إخضاعها للدراسة وانتقاء المواضيع التي يجب دراستها والبحث عنها، حيث أنها مفتاح ضروري ليوجه البحث تجاه المواضيع المختلفة.
- تمنح النظرية عدة مفاهيم وتعريفات فنية بما يساعد في تطور العلم، حيث أن كل مصطلح أو تعريف يحتوي على خبرة اجتماعية علمية كبيرة تُعد بمثابة ملخص للعديد من الوقائع التي تتضمنها النظرية العلمية.
- النظرية تعمل على تلخيص وإظهار الحقائق وجمعها في إطار نظري متكامل يضيف عليها معنى وأهمية عن طريق ملخصها وتصنيفها وربطها في صورة علمية شاملة.
- تقوم النظرية بالكشف وتشير إلى الأخطاء والقصور في المعرفة العلمية وبذلك تعمل على فتح مجالات جديدة، كما قد تطلق افتراضات جديدة بما يتسبب ذلك في الوصول إلى بعض الحقائق العلمية التي تعمل على ازدياد قوة النظرية.
شاهد أيضًا: كيف تتخلص من التسويف ؟
العلاقة بين النظرية والفرضية
بالنسبة للنظرية فتوضح كيفية الأمور وماهيتها و كيف تتشكل وهي مصطلح عميق وكبير يعتمد على التوضيح فقط. بينما الفرضية تعتمد على التنبؤ أو التخمين وقابلة لأن تعتمد على معلومات من النظرية، على سبيل المثال: نظرية بياجيه في النمو العقلي، يشرح من خلالها طريقة نمو عقل الطفل، ومن هذه النظرية من الممكن أن يضع الباحث عدة فرضيات تساعده على التنبؤ بما يقوم به الأطفال من سلوك وأفعال عندما يحدث النمو العقلي، ومن ثم يتم الكشف عن هذه الفرضيات من خلال البحث.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية