الإمام احمد بن حنبل، هو أبو عبدالله أحمد ابن محمد ابن حنبل الشيباني، ولد عام 780 في مدينة بغداد في العراق، يعرف بن حنبل بأنه فقيه إسلامي ذات شهرة كبيرة بين المسلمين حيث نُسب إليه المذهب الحنبلي، وعمل أيضًا علي جمع الأحاديث النبوية مما جعله يعتمد عليها في إصدار عدة فتاوي، وتخرج من بين يديه الكثير من تلاميذه، وقد عاش الأمام احمد بن حنبل حياة زاهدة، ولم يكن من أولئك الذين يُثيرون الفتن، حيث آثر الطاعة للإمام ونهي عن الخروج عليه بالسيف، ولدى الإمام أحمد العديد من المؤلفات والكتب مثل “كتاب رسالة صغيرة في الصلاة”، بالإضافة إلي سلسلة ” المناسك الكبير” و “المناسك الصغير” وأيضًا عمل علي الرد علي الكثير من المذاهب حيث اصدر آلاف الرسائل للرد علي الجهمية والمعتزلة وغيرهم، حتي توفي في مسقط راسه بغداد عام 855 ميلادياً.
بعض أعمال الإمام أحمد بن حنبل
بدأ الامام أحمد بتعلم وطلب العلم في بداية عمره، حيث كان حينها في الخامسة عشر من عمره، وكان الإمام أبو يوسف القاضي هو أول من قام بن حنبل بتلقي العلم منه، بعدها أراد تعلم الأحاديث مما جعله يذهب إلي مجالس الحديث الأمر الذي توافق بشكل كبير مع طموحاته وطباعه في التقوى والورع.
عاش الإمام بن حنبل فقط للعلم وبعٌد عن جميع صور الحياة السياسية، وبعدما أنتهي من جميع دراسته في الأحاديث أتجه إلي تعلم فقه الرأي، لذلك قام بالعديد من الرحالات التعليمية أملاً في زيادة علمه حيث ذهب إلي أهم مراكز العلم حينها، وكانت متمثلة في البصرة والحجاز، وخلال رحلاته التقي بالإمام الشافعي وتعرف عليه حتي أصبح من القربين له.
كان للإمام احمد بن حنبل أسلوب رائع في جمع الأحاديث حيث كان لا يدون أي حديث إذا كان الراوي ليس حياً، وكان كلما سمع حديث يرويه أحد كان لأبد أن يسافر إليه أو يلتقي به، وكان يعتمد علي مكانين لمجالس العلم الأول هو المسجد وكان يحضر فيه العامة، والأخر كان يقيموا في منزله لأولاده وخاصة الذين يريدون تلقي العلم.
لم يكن من رجال الثورات وإثارة الفتن، فكان رأيه السياسي يعتمد فيه علي السنه والسلف، لذلك فضل الطاعة للإمام متغلباً علي الخروج عن الجماعة، اختار بعد خير الأمة محمد صلي الله عليه وسلم الصحابة وقام بترتيب منزلتهم بعد النبي حيث بدأ بـ أبو بكر الصديق ومن ثم عمر بن الخطاب ومن ثم عثمان بن عفان و الإمام علي بن أبي طالب، ويأتي بعد هؤلاء أصحاب الشورى وهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله، و الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.
كان يرى أن صلاح الرعية يؤدي إلي صلاح الراعي، وكان يرى أن الإيمان يجب أن يكون قول وعمل وفعل، وكان ينبه بأن المعاصي تنقص من الإيمان وأن البرٌ من الإيمان، وأن المؤمن يجب أن يقر بما أتي به الأنبياء والرسل مع نطق الشهادتين، وكان يرى أن لا أحد من أهل التوحيد يكفر وإن عملوا الكبائر، ويجب علي كل مؤمن بأن يؤمن بكل ما يصيبه من قضاء وقدر شره وخيره.
لدى الإمام أحمد بن حنبل الكثير من الكتب ويعتبر من أهم كتبه هو “المسند” ويضم عدد كبير من الأحاديث ويصل لأكثر من 30 آلف حديث، ومن الكتب الأخرى كتاب “العلل ومعرفة الرجال” وكتاب “أصول السنة” وله الكثير من المؤلفات في علم الفقه مثل كتاب “المناسك الكبير” وكتاب “المناسك الصغير” وقام بالرد علي الجهمية والمعتزلة فيما قالوا وشكوا في متشابه القرآن وتداولوه على غير تأويله بإصدار كتاب “الرد علي الجهمية والزنادقة” وكتب أخرى مثل “فضائل الصحابة و “احكام النساء”.
أحمد بن حنبل ومواجهة المعتزلة والخلفاء الثلاثة
بعدما توفي الإمام الشافعي وفي نفس العام الذي توفي فيه، واجه الإمام أحمد بن حنبل المحنة المعروفة باسم المعتزلة أو خلق القرآن وكانت عن طريق مما يطلق عليهم اسم “المعتزلة” منهم المريسي، واحمد بن أبي داود وغيرهم، حيث عملوا علي جذب بعض خلفاء الدولة العباسية وهم المأمون والمعتصم والواثق ليستميلوا إلي هذه الفكرة، وعملوا متبني فكرة المعتزلة علي جعل هؤلاء الخفاء يتبنوها أيضًا بالإضافة إلي تشويه صورة بن حنبل امام الخفاء.
وعلي الرغم أن هذه الفتنة كانت هي الأشد في هذه الفترة وكانت عامة وشاملة إلا أن بن حنبل هو من كان يواجها وحيداً، وأما باقي علماء الأمه لم يكن لهم موقفاً محدد خوفاً أو كرهاً، وهناك من صمد أمام الفتنه ولكن قد ماتوا من شدة ما واجهوه من تعذيب، ولكن صمود الإمام حنبل من أعظم الصمود التي عرف بين المسلمين حتي الآن لذلك صدق القائل حين قال ” عصم الله الأمة بأبي بكر يوم الردة، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة”، وكانت فكرة المعتزلة والذي تبناها المأمون أيضاً تقوم علي عدة أصول وهم الآتي:
- عملوا علي نفي الصفات، حتي جاءت أبرز معالم النفي في قولهم بأن القرآن مخلوق.
- كانوا يقولون بأن العباد هم من يخلقون أفعالهم، وهذا يعني نفي القدر أيضاً.
- جعلوا لصاحب الذنب منزلة بين المنزلتين، بمعني المذنب في الدنيا، لا يعتبر مومناً ولا يعتبر كافراً، ولكن يستحق منزلة بينهم، وإذا تاب يستحق أن يرجع إلي إيمانه، وإن مات علي ذنبه استحق الخلود في النار.
- الوعد والوعيد، قالوا بأن الوعيد في الأخرة سيكون علي أصحاب الكبائر فقط وأن الله لن يقبل فيهم شفاءه، لانهم كفار مخلدون في النار، وأن المؤمن يستحق الثواب، ولكن إذا فعل ذنب ولم يتوب يجب أن يخلد في النار ولكن عذاب أخف من عذاب الكفار.
- أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو الأصل الخامس، وكانوا يتبنون فكرة نشر الإسلام عن طرق ارشاد الغاوين كل بما يستطيع بمعني البيان ببيانه، والعالم الغاوي يتم ارشاده بعمله، وذو السيف بسيفه وهكذا.
وفاة الإمام أحمد بن حنبل
توفي بن حنبل في يوم الجمعة الموافق الثاني عشر من ربيع الأول عام 241 هجرياً 855 ميلادياً، وكان عمره قد وصل إلي 77 عاماً، وتم دفته في نفس اليوم بعد صلاة العصر، وذكر المؤرخون بأن مكان قبره يقع في “باب حرب”، وتقع في شمال غرب منطقة الكاظمية، ولكن عام 1937 اجتاح المدينة فيضان هائل من نهر دجلة، الأمر الذي أدى إلي نقل رفاته إلي “مسجد عارف آغا” في منطقة الحيدر في بغداد.
سيرة مختصرة عن أحمد بن حنبل
صاحب المذهب الحنبلي واستطاع نشر المذهب في العراق وبلاد ما وراء النهر، كان يتصدى لفكرة المعتزلة وحيداً أمام متبني الفكرة والخلفاء العباسيين مما جعلهم غاضبون منه حتي وضعوا في السجن وظل مسجون 28 شهر، واصراره علي الحق وأن القرآن كلام منزل من عند الله وليس مخلوقا، جعله يتعرض للتعذيب الشديد بالجلد في سجنه وذلك في فتره خلافة المعتصم.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية