الكثير يعرف ابو الطيب المتنبي الملقب باسم “أشعر العرب” وقد اشتهر بحكمته المعروفة “ما كل ما يتمنى المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”، واليوم سنتعرف معًا على من هو ابو الطيب المتنبي؟ شاعر اللغة العربية وشاعر الحكمة بحياته الحافلة بالأمجاد حيث كان الأبرز في وقته وحتى يومنا هذا.
من هو أبو الطيب المتنبي ؟
اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي ولد عام 303 هـ سنة 915 م في الكوفة (العراق حاليًا) في عهد الخلافة العباسية بحي تابع لقبيلة تنتسب لليمن تُسمى كندة ويعود نسبه إلى قبيلة جعف المذحجية ونشأ أبو الطيب المتنبي بالشام ثم انتقل بين البادية طالبًا للعلم والأدب حيث كانت أعظم اهتماماته الشعر العربي.
فبدأ المتنبي في الشعر منذ الصغر وبدأ في السماوة وهي بادية بين الكوفة والشام “بالتنبأ” أي إدعاء النوبة وخرج معه الكثير فقام أمير حمص لؤلؤ ونائب الإخشيد بأسر المتنبي حتى يرجع عما كان يفعله ثم انتقل إلى حلب ومدح سيف الدولة ابن حمدان مما رفع من شأنه هناك وذهب إلى مصر قاصدًا الولاية حيث مدح كافور الإخشيدي ولكنه لم يوليه فترك المتنبي مصر وانصرف غاضبًا يهجو الإخشيدي.
انتقل أبو الطيب بعد ذلك إلى العراق وقام بمدح ابن بويه الديلمي عضد الدولة في شيراز ثم عاد إلى بغداد فالكوفة حيث نشبت مشادة بين فريق المتنبي وفريق فاتك بن أبي جهل الأسدي وقتل أبو الطيب ابن فاتك مُحسَد وغُلامه مُفلح بالقرب من دير العاقول بالنعمانية في الجانب الغربي من سواد في بغداد وقام بتوجيه هجاء إلى الأسدي وتعتبر هذه إحد سقطات المتنبي.
نسب أبو الطيب المتنبي
روى الخطيب وابن خلكان والعديد من المؤرخين أن أبو الطيب المتنبي نسبه هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي الكندي الكوفي وكان جده الجعفي بن سعد العشيرة من مذحج من كهلان من قحطان المنسوب إلى كِندة بالكوفة وليست كِندة القبيلة، ووالد المتنبي معروف “بعبدان السقاء” لأنه كان يسقي الماء للناس، وجدته لأمه همدانية التي كانت من صلحاء نساء الكوفة، وجاوروا أشراف العلويين بالكوفة وبرغم من نسبه المشرف لم يتطرق أبو الطيب إلى نسبه أو قبيلته بأشعاره ولا قام بالتحدث عن والده أو جده ولكنه ذكر جدته لأمه حيث كانت بمثابة والدته وقال عنها:
أَمُنْسِيَّ الْكَوْن وَحَضْرَمَوْتَا وَوَالِدَتِي وَكِنْدَةَ وَالسَّبِيعَا
وَلَوْ لَمْ تَكُونِي بِنْتَ أَكْرَمِ وَالِدٍ لَكَانَ أَبَاكِ الضَّخْمَ كَوْنكِ لِي أُمَّا
لَا تَحْسَبُوا رَبْعَكُمْ وَلَا طَلَلَهْ أَوَّلَ حَيٍّ فَرِاقُكُمْ قَتَلَهْ
لَا بِقَوْمِي شَرُفْتُ بَلْ شَرُفُوا بِي وَبِنَفْسِي فَخَرْتُ لَا بِجُدُودِي
سبب تسيمته بالمتنبي
ما مُقامي بأرض نخلة إلا كمقام المسيح بين اليهود
أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود
إدعاء النبوة
حينما خرج أبو الطيب إلى قبيلة كلب وأقام هناك ادعى أنه علوي حسني وبعد فترة أدعى النبوة ثم رجع عن ذلك وأدعى مرة أخرى أنه علوي حتى تم حبسه والإشهاد عليه بالكذب ولم يطلق سراحه إلى بعد أن تاب وأُشهد عليه بذلك، وقام في بادية السماوة بإدعاء النبوة مرة أخرى حتى خرج إليه لؤلؤ أمير حمص وقاتله وأسره وحبسه طويلًا حتى مرض ثم استتاب وكتب وثيقة تؤكد بطلان ما أدعاه ورجوعه إلى الإسلام.
ومن الدلائل التي أخذها عليهم المتنبي حينما أدعى النبوة ما يلي:
في رسالة الغفران ببني عدي قام المتنبي يدعي النبوة وحتى يتبين أهلها قالوا له إن قدرت على ركوب هذه الناقة الصعبة أقررنا دعواك، وقام أبو الطيب إلى تلك الناقة بين الإبل وتحيل حتى وثب على ظهرها فنفرت ثم تنكرت ثم سكنت ومشت مشى الممسحة، فعجب القوم وأصبحت هذه من دلائله عندهم.
كما أنه روي عنه في ديوان اللاذقية أن أحد الكتاب جرح يده جرحًا غائرًا، فقام أبو الطيب وتفل على الجرح وشد عليه وقال للكاتب لا تحل الوثاق عنها لعدد من الأيام والليالي ثم أتى الكاتب وحل الجرح بعد المدة وإذا به قد برأ، فاعتقد فيه القوم النبوة.
تعليم أبو الطيب المتنبي
حياة أبو الطيب المتنبي
نشأ أبو الطيب في سوريا ولكنه ولد في الكوفة العراقية لأبوين عربيين وأتم تعليمه في دمشق وهرب مع والديه عام 924 م إلى الصحراء السورية حينما نشبت الاضطرابات في الكوفة وترعرع بين البادية وتعلم من البدو اللغة العربية، ثم عاد المتنبي إلى الكوفة عام 927 م ووجه كل اهتمامه وتفكيره إلى تنظيم الشعر منذ سن مبكرة.
وقاد أبو الطيب ثورة القرامطة الإسماعيليين عام 932 م ضد الدولة العباسية في سوريا وهذا كان سبب سجنه الذي دام عامين ثم توجه بعد خروجه إلى كتابة الشعر ليجوب عدد كبير من دول العالم العربي حيث تضم حصيلته 3266 قصيدة مدح ولقى حتفه بسبب شجار بينه وبين أحد الرجال الذين هجاهم ولكن دامت أشعاره التي يتغنى بها الكثير إلى وقتنا هذا مثل “مسافرا أبدا” و”الخيل والليل والبيداء تعرفني”.
أخلاق أبو الطيب المتنبي
رحلة المتنبي إلى الشام
ذهب إلى الشام عام 321 م بعد ما كان في بغداد التي ذهب إليها عام 316 م حسب قول أبو العلاء المعري في رسالة الغفران ودائرة المعارف الإسلامية، وقد مر برأس عين في طريق ذهابه إلى الشام مما يعني أنه كان بعمر 18 عامًا ولكنه لم يحن في قصائده إلى موطنه العراق الذي قضى به ثمانية عشر عامًا من عمره ولكنه ذكره في بضع مواطن قليلة لأنه يرى أن وطن الإنسان هو المكان الذي يحل به ويلقى أحبة وخير.
وكانت الشام حينما انتقل إليها المتنبي مقسمة بين ابن رائق والأخشيد ثم بين سيف الدولة والأخشيد لذلك فكانت كثيرة الصراعات منذ خلافة المقتدر بالله العباسي عام 316، وولى الرملة محمد بن طغج ثم أضاف إليها دمشق سنة 318 حيث كانت حلب حينها في أيدي ولاة من بغداد كما تولى بن طغج الأخشيد مصر وعزل عنها وفي عهد الراضي بالله العباسي سنة 323 تولى ابن طغج مرة أخرى مصر وعظم سلطانه حتى امتد إلى الشام كلها حتى استزل ابن رائق على الشام وولى ابن يزداد حلب تليها دمشق واستقرت الشام أخيرًا بولاية سلطان الأخشيد اللذين بقوا في دمشق عام 333 بعدما استولى سيف الدولة على حلب.
وفي خضم الأحداث السياسية السابقة قام أبو الطيب بمدح بعض الرجال من هذه الوقائع وهم الحسين بن عبد الله بن طغج ومساور بن محمد الرومي وطاهر العلوي، ومن قصائده في مساور ما يلي:
أَمُسَاوِرٌ أَمْ قَرْنُ شَمْسٍ هَذَا أَمْ لَيْثُ غَابٍ يَقدُمُ الأسْتَاذا
الهروب من مصر
وغيرُ كَثيـرٍ أنْ يَزُورَكَ راجِـلٌ فَيِّرْجعَ مَلْكاً للعَراقَيْنِ وَاليِــَـافقد تَهَبُ الجيشَ الذي جاءَ غازِياً لِسائـِلِكَ الفَرْدِ الذي جاء عَـافِياً
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بـما مضى؟ أمْ لأمرٍ فيـكَ تجديـدُ
شعر أبو الطيب المتنبي
أَنَا الذَي نَظَرَ الأَعْمَى إِلَى أَدَبِي وَأَسْمَعْتُ كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَمُالخَيْلُ وَاللَيْلُ والبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي والسَيْفُ وَالرُمْحُ والقِرْطَاسُ وَالقَلَمُ
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِيْ العَزَائِمُ وَتَأْتِيْ عَلَى قَدْرِ الكِرَامِ المَكَارِمُوَتَعْظُمُ فِيْ عَيْنِ الصَغِيْرُ صِغَارُهَا وَتَصْغُرُ فِيْ عَيْنِ العَظِيْمُ العَظَائِمُ
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله فأجسامهم قبل القبور قبوروأن امرأ لم يحي بالعلم ميت فليس له حتى النشور نشور
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
وعذلت أهل العشق حتى ذقته فعجبت كيف يموت من لا يعشقوعرفت ذنبي في الهوى أنني عيرت هم فلقيت منه ما لقوا
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرُومٍ فلا تقنع بما دون النجومِ
شرّ البلاد مكان لا صديق به وشرّ ما يُكسب الإنسانُ ما يَصِمُومن نكد الدّنيا على الحرّ أن يرى عدوًا له ما من صداقته بدٌومن العداوة ما ينالك نفعُه ومن الصداقة ما يضرّ ويؤلماحذر عدوّك مرة واحذر صديقك ألف مرّة؟
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية