يشعر الكثير من الأشخاص بعدم الأمان والاطمئنان، ويظهر على شخصيتهم نوع من الخجل والتفاعل الاجتماعي البسيط مع المتواجدين حولهم، ويعتبر هذا الشعور أمر طبيعي بالنسبة للبعض، إلا أنه إذا كانت تلك المشاعر تزيد عن الحد وتؤدي إلى الابتعاد تمامًا عن التفاعل الاجتماعي ويكون لها آثار سلبية على الحياة اليومية للفرد، فذلك يشير بلا شك إلى وجود اضطراب بالشخصية يعرف باسم الشخصية التجنبية، لذا سوف نتعرف معًا خلال المقال على أهم أسباب وأعراض اضطراب الشخصية التجنبية وكيفية التشخيص والعلاج منها فضلاً عن بعض النصائح للتغلب عليها.
ما هي الشخصية التجنبية ؟
الشخصية التجنبية هي شكل من أشكال اضطرابات الشخصية، تتميز بأسلوب وسلوك ثابت طوال الحياة، وتنطوي بشكل كبير عن التفاعلات الاجتماعية، وشعورهم دائمًا بانعدام الكفاءة، وعدم الثقة بالنفس، والحساسية بالرفض دوماً تجاه الآخرين، مما يجعل الفرد مبتعدًا عن المشاركة والتفاعل في الحياة الاجتماعية وتركيزه متكامل دائماً تجاه نفسه وحياته الخاصة، أي أنه مستوطن في عالم بمفرده وبشكل مستمر.
كما يعد المصابون بهذا النوع من الاضطراب أنهم ليسوا أشخاص كفأ اجتماعيًا، أو ليس جذابين بشكل شخصي، ويبتعدون عن التفاعل الاجتماعي بسبب خوفهم وقلقهم من أن يكونوا حديث لسخرية البعض من الناس، أو مهانين، أو منبوذين، أو غير محبوبين.
وتبلغ نسبة المصابون باضطراب الشخصية التجنبية حوالي 2% من الإناث والذكور بالتساوي في جميع أنحاء العالم.
ما أسباب اضطراب الشخصية التجنبية ؟
اضطراب الشخصية التجنبية مثلها مثل اضطرابات الشخصية المختلفة ليس هناك سبب معروف للإصابة بها، إلا أن كل من العوامل الوراثية والبيئة المؤثرة بالشخص لهم عامل كبير على فرص التعرض لهذا النوع من الاضطراب، بينما ليس من المعتقد أن هذا الاضطراب نتيجة عن اضطراب في كيماويات أو مشاكل عصبية دماغية مثل الكثير من الأمراض النفسية المختلفة.
الوراثة
قد يتم انتقال اضطراب الشخصية التجنبية في بعض العائلات عن طريق الجينات الوراثية، فيوجد بكثرة وبشكل متكرر بين أفراد الأسرة الواحدة.
الظروف الاجتماعية
تؤثر الظروف التي يعيشها الشخص منذ الصغر بنسبة كبيرة على التعرض لهذا الاضطراب، ومن أبرزها عدم الاهتمام بمشاعر الطفل العاطفية، أو عقاب الطفل باستمرار، أو التدخل بشكل مبالغ فيه بحياة الطفل وذلك باستخدام جملة الخوف عليك، أو الرفض من الوالدين أو الأصدقاء، كل ذلك يؤثر نفسياً على تقدير الشخص لنفسه وشعوره بقيمته.
أعراض الإصابة باضطراب الشخصية التجنبية
- الخوف المستمر من التعرض للنقد أو الرفض.
- ليس هناك أصدقاء مقربون من الشخص.
- التردد دائماً في التفاعل مع الآخرين.
- الابتعاد عن المجالات أو المهام التي تنطوي على التواصل مع فريق.
- الخجل الشديد في الأمور الاجتماعية خوفا من القيام بشيء خاطئ.
- المبالغة الدائمة في العواقب المحتملة.
- الإحساس الدائم بعدم الكفاءة الاجتماعية.
- انعدام رغبة الفرد في الخوض في المخاطر أو تجربة أمور جديدة.
متى يبدأ يظهر اضطراب الشخصية التجنبية
يبدأ يظهر اضطراب الشخصية التجنبية في العادة بمرحلة الطفولة ويصاحبها الخجل الشديد والانعزال والابتعاد عن الأشخاص الغرباء أو الأماكن الجديدة، ومعظم الأفراد الذين يمتلكهم الإحساس بالخجل في الأعوام الأولى من حياتهم يحاولون التخلص من هذا الأمر ولكن بشكل تدريجي، ولكن هؤلاء الذين يتحفز لديهم اضطراب الشخصية التجنبية يتزايد سلوك الخجل بشكل كبير، خصوصًا عندما يدخلون في مرحلة المراهقة والشباب.
شاهد أيضًا: ما هي الشخصية البارانوية وأنواعها والأعراض ؟
كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية التجنبية
يتم تشخيص هذا النوع من الاضطراب بالاستناد إلى الأعراض الخطيرة التي تظهر خلال مراحل البلوغ الأولى، وتشمل هذه الأعراض اضطراب الشخصية التجنبية ما يأتي:
- الابتعاد تماماً عن النشاطات الاجتماعية.
- قضاء وقت طويل للغاية منفرداً مع النفس.
- التواجد بمكان اجتماعي ضيق، والتعامل مع الآخرين بحرص.
- التجنب الشديد عن التعرف على ناس جديدة، والإحساس المستمر بعدم الكفاءة عند التعامل معهم.
- التحفظ والحديث القليل عند التفاعل مع الناس، وذلك خوفًا من التفوه بشيء غير مناسب أو التعرض للخجل.
- التركيز بشكل كبير في نظرة الناس، وذلك خوفًا من التعرض للتجنب أو الرفض من قبل البعض.
- العزوف تمامًا عن المهن والأعمال على الرغم من وجود الخبرة الكافية، وذلك هروباً منها بسبب متطلباتها المستمرة للتفاعل بشكل اجتماعي واسع.
- رؤية الذات مكروهة وأقل شأن ومكانة عن الآخرين.
كيف يتم العلاج ؟
دون اللجوء للعلاج قد يستسلم البعض من الذين مصابين من اضطراب الشخصية التجنبية لحياة من الانعزال قد تكون شبه متكاملة أو كلية، وقد ينتج عن ذلك تطور اضطراب نفسي جديد مثل تعاطي المخدرات أو اضطراب المزاج مثل الاكتئاب، ولذلك فمن الضروري جداً علاج الأفراد المصابون بهذا النوع من الاضطراب.
العلاج السلوكي
يعد العلاج السلوكي هو العلاج الأساسي الذي يتم الاعتماد عليه خصوصًا في هذه الحالات، ويتضمن الآتي:
- التدريب على المهارات الاجتماعية.
- العلاج المعرفي.
- العلاج بدخول المصاب للتواصل الاجتماعي بشكل تدريجي.
- العلاج بشكل جماعي لممارسة المهارات الاجتماعية.
العلاج الدوائي
أما بالنسبة للعلاج الدوائي فإن بعض العلاجات قد تعمل على التحسن السريع بمزاج المريض، فإن مفعولها خفيف من حيث تجاوز هذا الشكل من الاضطراب، وذلك لأنها يتم توجيهها للقضاء على أعراضه وليس أسبابه، إذ إنه ليس هناك اضطراب في النواقل العصبية لهذا النوع المذكور.
كيفية التعامل السليم مع مصاب الشخصية التجنبية
إن الصفات الشخصية للفرد المصاب بالاضطراب التجنبي، التي تنعكس خلال معاملاته مع الآخرين، تضعه في مكان غامض ليس متفتح مثلما يتواجد بالمجتمع الخارجي، لذا فإن أول ما يجول بذهنه عندما يقابل شخص ما أنه أمامه إنسان غامض غريب الشكل والسلوك ليس متفتح لا يحب الاجتماعات، فيثير من حوله بعض الأحاديث وكلام غير ملائم عن حياته الخاصة بالإضافة إلى خلق الإشاعات حوله، وهذا النوع من الناس يجعله في وضع مبتعد تمامًا عن المجتمع، لذلك عند مقابلة شخص مريض بهذا الاضطراب على الفرد ألا يقمعه أو يسخر منه إذا فعل خطأ ما أو عبر عن رأيه، ولا اجباره على القيام بأمور ليست مرغوبة، ومحاولة بناء ثقة بينك وبين هذا المصاب لتتمكن من إقناعه للتوجه للعلاج النفسي بشكل محبب.
نصائح للتغلب على اضطراب الشخصية التجنبية
الحد من التجنب
قم بتحديد المواقف التي ترغب بالابتعاد عنها، وأسأل نفسك هل أنت ليست مرتاح في كل المواقف الاجتماعية؟، أم أنك تفضل الابتعاد عن بعض المواقف أكثر من غيرها؟، قم بإنشاء لائحة بكل المواقف التي ترغب الشعور براحة فيها بشكل أكبر، مثلا، قد تريد أن تتكلم في الفصل أكثر أو تحس بقلق وخوف أقل عندما تتكلم مع أصحابك في العمل.
قم بإدخال نفسك في المواقف الاجتماعية بشكل تدريجي، وابحث عن الوسائل البسيطة التي تستطيع بها أن تخرج، والبدء بتفاعلات قليلة مع الآخرين.
ومن الأفضل أن تحتفظ بدفتر ملاحظات لكتابة التفاعلات التي تقوم بها وكيف أحسست في ذلك الوقت، ودومًا قم بوضع الأهداف المرغوبة في المقدمة، وآمن بكفاءتك وخبرتك على التغيير.
تغيير نمط التفكير
عندما تحس بشيء من القلق أو التوتر حول موقف ما، قم بالبحث عن الأفكار التي تتفق مع هذا الإحساس حتى تستطيع التصرف بشكل صحيح، مثلا، يجب أن تخبر نفسك دائماً بأمور مثل: “لا أحد يحبني، ولا ضرورة لخلق صداقات”، فقط عليك أن تبدأ بتغيير هذا الفكر السلبي ورؤية النتائج الإيجابية.
شاهد أيضًا: ما هو الوسواس القهري وأنواعه وعلاجه ؟
الحصول على الدعم
قبل أن تبدأ العلاج، يجب أن تزور طبيب نفسي أو أخصائي نفسي معالج حتى تُجري تشخيص شامل لحالتك لأن هذا الشكل من الاضطرابات قد يصاحبه اضطرابات أخرى مثل الاكتئاب، واضطراب الشخصية الحدية، واسأل الطبيب عن العلاج الذي يساعدك على الإحساس بمشاعر القلق والخوف أقل حدة عند البدء في العلاج النفسي.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية