هل الشهادة الجامعية ضرورية وشيء لابد من الحصول عليه في الحياة؟ أم أنها أصبحت لا قيمة لها ويمكن الاستغناء عنها؟ اختلف الناس في هذا الموضوع نظرًا لتغير ظروف الحياة وتطورها بشكل كبير، فأصبحت المدارس والجامعات ليست هي المكان الوحيد لتلقي العلم.
وسوف نقوم بعرض وتوضيح الفرق بين الشهادات والأعمال الحرة حسب كل الآراء ووجهات النظر.
هل الشهادة الجامعية ضرورية؟
كثير من الناس يرى أن الشهادة الجامعية شيء لابد من الحصول عليه وأنها ضرورية لإكمال المظهر الاجتماعي للفرد أمام الناس. ويعتبرون عدم الحصول عليها بمثابة الفشل في الحياة المهنية وبدونها لن يتمكن الفرد من تحقيق أي نجاحات في العمل والحياة الوظيفية.
ولكن هناك رأى آخر يتبنى فكرة أن الشهادة ليست بالأمر الضروري تحقيقه، والنجاح لا يقتصر فقط على الحصول على ورقة من المؤسسات الجامعية ويعتبرون النجاح مسيرة الفرد الشخصية في المجال الذي يهواه ويرغب به، ويشعر بالسعادة أثناء مزاولته لهذا المجال بحرية مطلقة.
حيث تكمن المشكلة هنا في إختلاف وجهات نظر الأشخاص في تعريف النجاح، فكلً له رؤية مختلفة تعبر عن ظروف حياته والخبرة التي حصل عليها ومسرته في الحياة.
بعض من الناس يرى النجاح في إكمال المسيرة التعليمية والحصول على شهادة ومزاولة وظيفة مناسبة للمؤهل الذي حصل عليه، ثم الزواج وتكوين أسرة وامتلاك منزل وسيارة وغيرها
وهذه تعتبر نظرة تقليدية جدًا لا يوجد بها أي طموح أو أي أفكار مختلفة، ولكنها رؤية واقعية تشعر الفرد بالأمان في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة بشكل كبير وتجعله يجاهد حتى يحصل على وظيفة تناسبه تحميه من فكرة الهجرة لأي بلد آخرى للبحث عن عمل، لما في هذه الفكرة من جهد شاق جدًا.
ولكن هناك أشخاص مختلفون لا يرون أن النجاح هو شهادة ورقية ووظيفة، بل لديهم رؤية مختلفة تمامًا عن هذا الرأي.
فيعتمد هذا الرأي على أن قمة النجاح هي شعور الفرد بالسعادة حيال ما يقوم بعمله، وهذا هو ما سوف يجعله يصل إلى الإبداع والتميز في هذا العمل.
فعندما يكون الفرد عاشق لعمله يمكنه الخوض فيه لوقت طويل والتعمق إلى أبعد حد بدون ملل أو إجهاد.
الشهادة الجامعية أم الأعمال الحرة؟
تغيرت الأحوال كثيرًا في هذه الأيام فأصبح الناس لا يسيرون في نفس المسيرة التقليدية التي إعتدنا عليها منذ الصغر فكثير من الناس بدأ يحيد عن مزاولة الوظائف الحكومية الثابتة التي لا تسمن ولا تغني من جوع اللهم إلا أنها تكفيك المصروفات الشهرية. وبدأ الناس يفكرون في مزاولة المشروعات المختلفة كل حسب مجاله، ويرون أن لا حاجة إلى الشهادة على الإطلاق. لأن المشروعات الخاصة تحقق لصاحبها ناتج أكبر ودخل أعلى مقارنة بالوظيفة الثابتة فبالتالي إتجه إليها أغلب الناس.
ولكن تظل الوظيفة صمام أمان بالنسبة للجميع أيضًا حيث أن المشروعات والأعمال الحرة ليست مضمونة بالحد الكبير الذي يجعل الفرد يستغنى عن الوظيفة. فتظل الشهادة مفتاح للكثير من الأبواب لذلك يعتبر الحصول عليها كخطة بديلة إذا تعرض مشروعه الخاص للفشل.
ويعتبر الحصول على الشهادة حتى وإن لم يعمل بها تحقيق لحد من الإدراك والوعي والفهم، لا يمكن تحقيقه لشخص لم يكمل تعليمه الجامعي.
هذا لأن الكتب تصنع للفرد عقلية متحضرة واعية على درجة كبيرة من الثقافة والنضج والذكاء، لذلك الحصول على شهادة أمر ضروري لا جدال فيه وتعددت الأقاويل وهذا بعيدًا عن مجال العمل.
ولكن ليس بالضرورة أن يكون الفرد الذي قد حصل على مؤهل جامعي مثقف، لأن الثقافة مهارة يستطيع الفرد إكتسابها بتحصيل اعلى قدر من المعلومات من حوله وتحليلها واستنتاج ما يتبعها والوصول إلى كل جديد.
وقد يكون شخص حامل لمؤهل عالي ولكنه لا يحمل قدر من الثقافة ممن يحمله شخص غيره لا يحمل مؤهل، وكما قيل: “فـ كم أمي يعد بألف مثقف … وكم مثقف يمر بلا عداد”.
ومن منا لم يسمع عن القصص الشهيرة لأشخاص غيروا العالم وهم لا يملكون مؤهل عالي مثل: “ستيف جوبز” و“أديسون” وغيرهم.
العلم والشهادات غاية أم وسيلة؟
يتضح من حولنا أن كل الذين يقومون بالإكتشافات والإبتكارات العلمية هم في الأصل أصحاب شهادات عليا وباحثون لذلك فإن الإنتاج العلمي هو عصب أساسي في نهضة الأمم. لذلك بدأ الإقبال يتزايد على الدراسات العليا والحصول على الشهادات، لذلك فإن قيمة الشهادة تتوقف على الشخص نفسه في الأصل.
فليس كل من يحمل الشهادة شخص مؤثر، وهناك الكثير من حاملين الشهادات أثروا وبشكل كبير في نهضة العالم.
“ولكن هل يعتبر العلم غاية بحد ذاته أم أنه وسيلة للحصول على وظيفة وراتب أو منصب رفيع أو لرفع مستوى المعيشة بشكل عام”؟
هناك الكثير من الناس يسعون وراء الشهادات فقط من أجل نظرة المجتمع ولإرضاء الآخرين، وفي هذه الحالة قد تحول الهدف إلى إرضاء الناس. والذي يدل على ذلك أن عدد كبير من الأفراد يعملون في غير تخصصاتهم مما يدل أن الشهادة كانت تحصيل حاصل ليس إلا.
ويقول ممن يتبنون هذا الفكر أن الجامعة ليست إلا تحقيق مظهر إجتماعي أمام الناس لكن العمل والحياة المهنية شيء آخر، فإضاعة 4 سنوات بين جدران الجامعة ليس إلا ليقولوا “فلان جامعي”.
أما الحياة العملية فكل لديه إهتماماته الخاصة التي يستطيع تعلمها وإنجازها من خلال الالتحاق بالدورات التعليمية واكتساب الخبرة. وهناك من يعتبر العلم وسيلة للإستقلال الذاتي المادي من أجل الحصول على وظيفة والقدرة على العمل وتحقيق الكيان والإعتماد على النفس.
شاهد أيضًا:
وهذا بالنسبة لكثير من الفتيات تحديدًا التي تحب أن تعتمد على نفسها ولا تطلب شيء من أحد حتى اهلها، أما بالنسبة للشباب فيعتبرونها ضرورة للمكانة الاجتماعية في سوق العمل أو في حالة الزواج فإن الشهادة تعلي من قيمته.
وهناك من يعتبر الموضوع بمثابة التنافس الاجتماعي فكما أن إبن فلان قد حصل عليها فيجب أن يحصل عليها أبنائي أيضًا لكي لا يشعر أنه أقل من غيره.
وبذلك نرى أن كل منا لديه أسبابه ومبرراته وظروفه الشخصية في الحصول على شهادة جامعية، فالبعض يراها غاية بحد ذاتها والبعض الآخر يرى أنها مجرد وسيلة لتحقيق شيء آخر.
ومهما تعددت الآراء واختلفت العقول تظل الشهادة ضرورية لكثير من الأسباب كما أوضحنا، وسواء كانت غاية أم وسيلة فإن الشيء الوحيد المتفق عليه أن الحصول عليها أمر ضروري حتماً.
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية