هناك العديد من المصطلحات السياسية والدينية المبهمة التي يبحث عنها الأشخاص عبر الإنترنت في محاولة لفهمها مثل “الليبرالية” وغيرها من المصطلحات، والسؤال الأغلب يكون عن ما هي العلمانية، حيث يتطلع الكثير لمعرفة تفسير هذه الكلمة، وفي هذه المقالة سوف نجيب في كشافك عن أسئلة قد تدور في ذهن القارئ مثل: ما هي العلمانية، كيف نشأت، وهل لها مبادئ، وهل لها تعارض مع الدين، ومن هم مؤيدوها.
ما هو مفهوم العلمانية ؟
هو مصطلح يعني بفصل الدين عن سياسة الدولة وكل ما يخص أمور الحكم والتصرف فيها، أو هناك وجهة نظر أخرى تجيب عن سؤال ما هي العلمانية بأنها فصل الدين وعدم تدخله في الحياة بأكملها، وهذا طبعا معناه عدم الإلتزام بأوامر الله -سبحانه وتعالى – ونواهيه في أمور حياتنا.
تعتبر العلمانية بشكل أشمل تعني فصل الأمور الدينية عن ممارسات الحياة عامة وليس مجرد ممارسة الحكم أو السياسة كما يتم تعريفها بشكل أضيق، وتعد العلمانية عند البعض وجه آخر لليبرالية أو امتداد لها “كما تعتقد الدولة الكبرى بريطانيا” حيث تراهما مشتركين في المبادئ.
وهناك رأي آخر حول ما هي العلمانية يعرفها بأنها حكم للأغلبية دون أن يهتموا بحرية الفرد الواحد، مما يسميه البعض “الديمقراطية الليبرالية”، وهذا المعنى لا يشمل بالضرورة فصل الدين عن السياسة أو حكم الدولة، بل هي على حسب رأي الأغلبية التي تحكم والذي من الممكن أن يكون رأي ديني أو غير ذلك، حيث يمكنوا أنفسهم من التعبير والحكم بحرية دول الإلتزام بقواعد دينية وهو ما يعتبرونه حرية سياسية قد تتعارض مع الدين.
ما هي اهداف العلمانية ؟
هناك 15 مبدأ معروف لهذا المذهب وهم على هذه النحو:
- وجوب إعطاء الحرية لكل البشر.
- المساواة قانونيًا، حيث أنها لا تضع قوانينها وفقا للدين بل تأخذها وتطبقها بناء على العلم والدراسات الحديثة.
- الإيمان بالعقل وجوب العمل وهما أساس العلمانية.
- الحياد الديني (نظريًا) تجاه الأديان كلها.
- الحرية الدينية المطلقة.
- العلمانية لا تهدف للإلحاد العلمانية لكنها تحاول تطبيق الديموقراطية في المجتمع.
- حرية التعبير وإبداء الرأي للمتدينين أيضًا.
- أن تكفل العلمانية حق المؤمنين وغيره وحماية كليهما من الإضطهاد والعنصرية.
- رفض الامتياز الاجتماعي وهو من المصطلحات المعروفة والمسلم بها في علم الإجتماع.
- دعم حقوق الإنسان المعروفة عالميًا حتى إذا كانت فوق الأوامر الدينية.
- المساواة في تقديم الخدمات إلى الجميع في الدولة.
- اتباع العلم المجرد من الدين، حيث أنها تقبل فقط العلوم التجريبية والمنهج الذي يقوم على الشّك في كلّ شيء ولا تؤمن بالغيبيات مثل الوحي الذي تعتبره مجرد حالة نفسية تصيب الشخص.
- فصل الدولة بأحكامها وقوانينها عن الدين وهو أساس العلمانية.
- تطبيق مبدأ البرجماتية أو مبدأ المنفعة والذي هو مذهب اجتماعي لا ديني ، يتم فيه تقييم السلوك تبعًا لمنفعته للفرد والمجتمع فقط.
- الديمقراطية.
كيف نشأت العلمانية ؟
بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال ما هي العلمانية كتعريف فقط نتجه إلى نقطة أخرى وهي كيف بدأت:
كانت عبارة عن رد فعل للدين المسيحي الذي انتشر في أوروبا منذ عام 476 م منذ سقوط روما إلى أن بدأ عصر النهضة. وكانت البداية عند المؤلف مارسيل البدواني حين طالب في كتابه الذي يسمى “المدافع عن السلام” إلى إستقلال الحكم عن سلطة الدين المسيحي المتمثل في الكنيسة وفي هذا الوقت كان هناك صراع شديد ديني ودنيوي بين الكنائس في روما والكنائس في جنوب فرنسا خاصة في أفنيون.
وهذا الصراع استمر مدة حوالي 200 عام حتى نهضة أوروبا الذي رأى الناس فيها أنه يجب فصل الدين المسيحي عن أمور الحكم.
وبدأ يُعرف مذهب العلمانية كمذهب فكري في بدايات القرن السابع عشرـ وكان أول من أشار إليها صريحة هو الفيلسوف سبينوزا حيث كان رأيه أن تدخل الدين يحول قوانين الدولة إلى شئ أقرب بالتأديب لمواطنيها ومن هنا بدأت الأنظار تنصرف إلى العلمانية كطريقة تخلصهم من هذا التأديب.
تطور العلمانية عبر التاريخ
وبعد تعريف ما هي العلمانية بأصلها ونشأتها لنذكر كيف تطورت إلى أن وصلت علية ماهو عليه الآن:
- عاش باروخ سبينوزا أول من تحدث عن العلمانية في هولندا والتي كانت تعتبر أكثر دول العالم تحررًا في هذا الوقت.
- فقام الهولنديون بوضع قيم جديدة ومعايير للحكم وللتعامل مع الأقليات كاليهود واللادينيين وجعلوهم من مواطني هولندا.
- نجحت العلمانية كمذهب في هولندا خاصة مع كم الحرية التي تتمتع به مما دفع بعض الباحثين مثل كارن أرمسترونج إلى تطوير الفكرة كواحدة من أساليب العالم الحديث.
- كانت العلمانية وقتها تُعرف بمعنى فصل الدين عن الدولة خاصة في فترة بين القرن السابع عشر منذ بدايتها إلى أواخر القرن الثامن عشر.”فكانت تعني “فصل الدين عن الدولة” في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
- بعد الإبتعاد عن حكم الدين كان هناك معنيان اعتبرهما الإنسان الأوروبي أنهما الإلهين الحاكمين وهما العقل والطبيعة.
- واعتقد الأغلب أن العقل هو الحاكم الوحيد وصاحب السلطة المنفرد، أما عن الطبيعة فهي فقط إله ذو صدر رحب لا يتطلب منهم التزامات ولا طقوس أو صلاة فقط يطلب من الإنسان أن يكون طبيعيا ويؤدي مطالبه الطبيعية كلها بصراحة ووضوح.
- وكان الخلاف قائم بين مؤيدي العلمانية ورجال الدين على السلطة مما أدى إلى المطالبة صراحًة بفصل الدين عن الدولة لينعم كل منهما بسلطته.
- في بداية القرن التاسع عشر والذي يعتبر عصر الإلحاد في أوروبا تم إقصاء الدين تماما عن الدولة بل وخرج العلمانيون إلى الدول الأخرى فيما يُسمى بمهمات استشراقية وتبشيرية لنشر هذا المذهب.
- ومع بداية القرن العشرين جاء مكابران بالغا في معاداة الدين وعد التقيد به ولكن تحت إسم العلمانية حتى جذبوا الناس إليهم وأقنعوهم بآراءهم حول البعد عن الدين والتحرر منه وإقناعهم بأن العلمانية هي الحل للتخلص من سيطرة الكنيسة واضطهادها.
- إلى ان اكتملت وزادت قوة المذهب العلماني ومؤيديها إلى وقتنا هذا، وتم تبديل الدين كليا بالإلحاد العلماني في بعض الدول.
أنواع العلمانية وصورها
يوجد صورتين للعلمانية وتشكلت عليهم إلى أن وصلت إلى الأفكار الحالية إلى الآن وهما:
الصورة الأولى وهي العلمانية الملحدة
وهي التي تنكر الدين انكارا تامًا ولا تعترف بوجود إله، وتقوم أيضًا بمعاداة ومحاربة من يدعو إلى الله: وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور، ولا تعترف بشيء من ذلك، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله.
الصورة الثانية وهي العلمانية غير الملحدة
حيث لا ترفض وجود الله بل تؤمن به فقط إيمانًا نظريًا، ولكن تظل رافضة لتدخل الدين في أمور الدنيا، وتطالب بإقصاء الدين عن الحياة العملية والحكم.
موقف الإسلام من العلمانية
يوجد موقفين للعلمانية تبني عليهم أفكارهم وكلاً منهم يحاول الدفاع عن هذا الفكر وهما:
الصورة الأولى للعلمانية
يرى رجال الدين أن هذه الصورة على وقتها وفجورها في اظهار كفرها إلا أن كفرها ظاهر للمسلمين، فلا ينخدع بها أي مسلم، ولا يُقبل عليها إلا شخصًا يريد مفارقًا لدينه، لذلك فإن لها خطر ضعيف على المسلمين، على الرغم من خطرها العظيم في محاربة الدين والمسلمين ومقاتلتهم.
الصورة الآخرى للعلمانية
تقول بأن العلمانية ذات خطرًا، حيث تقوم بضلال بعض المسلمين بسبب إلتباس الأمر عليهم لأنها لا تنكر وجود الله، ولأن معاداتها للإسلام والمسلمين غير ظاهرة فلا يتأكد للبعض كفر هذا المذهب بسبب قلة معرفته بدينه، وهذا من أسباب كثرة تطبيق العلمانية في بلاد مسلمة وهم لا يعرفون حقيقتها.
أشهر المؤيدين الذين عرفوا العلمانية منذ القِدم
- الملحد دوركايم
- الملحد فرويد
- كارل ماركس وهو المؤسس للفكر الشيوعي.
- الشيوعية والماسونية ومؤيدو الفلسفة الوجودية مثل جاك كولن ويلسون وبول سارتر وغيرهم.
هل هناك علمانيون مسلمون ؟
الإجابة هي لا، حيث أن المسلم الحق لا يتبع هذه الحداثة من ابعاد الدين عن حياة الإنسان رغبة في السير خلف أهوائهم دون قواعد تحكمهم.
بعض الدول العلمانية
- كندا
- الهند
- فرنسا
- الولايات المتحدة
- كوريا الجنوبية
- تركيا
وهي دول علمانية دستوريا
أشهر كتب تتحدث عن العلمانية
- العلمانة والدين للكاتب أركون.
- العلمانية هى الحل لدكتور فاروق القاضى.
- حوار حول العلماني للكاتب فرج فودة.
- الأصولية والعلمانية للمؤلف مراد وهبة.
- الإسلام وأصول الحكم لشيخ الأزهر على عبد الرازق.
شاهد أيضًا: الفروق الجوهرية بين الكاثوليك والبروتوستانت
إن سؤال ما هي العلمانية سؤال واسع المدى يحتاج إلى التدقيق والبحث الموسّع في مختلف المصادر إلى أن تصل لإجابة وافية، لذا حاولنا في هذا المقال أن نقدم عرضًا واسعًا لهذا المذهب بكل ما فيه من مبادئ وقيم سواء حقيقية أو مزعومة وما حوله من آراء أملا أن نوفر إجابة مُرضية عن هذا السؤال المُحير وهو ما هي العلمانية؟!
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية