بمجرد سماع كلمة الغجر أو القبائل الغجرية يتبادر إلى أذهاننا مجموعة من الأشخاص الفوضويين، قاسين الملامح ليس لديهم أياً من معالم الحضارة، على الرغم من أن تعريف الغجر أعمق بكثير من هذه الصورة السطحية، وترجع هذه الصورة عنهم لأن أغلب الأشخاص قد لا يعرفون من هم الغجر، لذلك سوف نقدم من خلال المقال إجابة للسؤال الذي يتساءل عنه الجميع وهو من هم الغجر ومن أين جاؤوا؟ ما هو أصلهم معتقداتهم وأين يعيشون؟ وما السبب وراء اضطهادهم من الحضارات الأخرى، كل هذا سنعرفه في هذا التقرير.
من هم الغجر؟
الغجر هم مجموعة من الأشخاص المتجولين في الشوارع، وليس لهم مكان معين لكنهم منتشرون في القارات والبلدان المختلفة، وهم قبائل تتمسك بالعادات والتقاليد بشكل كبير، ويتخذون من التجارة والصناعة وعزف الموسيقى وقراءة البخت والتسول والتجول في الشوارع مصدراً لرزقهم، ويتسم الغجريين بالتشدد والالتزام بالعادات والتقاليد لأبعد الحدود، وتكون تلك العادات والتقاليد مختلفة لأبعد حد عن عادات وتقاليد المجتمع الذي يعيشون فيه.
ما هو اصل الغجر؟
هناك الكثير من الآراء المختلفة حول أصول الغجر، حيث يقول البعض أنهم مجموعة من الأشخاص التي انتقلت من الهند وإيران وجنوب آسيا في القرن الرابع عشر ميلادياً.
كما يُذكر أنهم في منتصف القرن الـ 15 قد انتقلوا إلى المجر وصربيا والعديد من البلاد الأخرى، لكن هناك عدد من الباحثين يرون أن الغجر هم مجموعة عسكرية تقابلت منذ سنوات كثيرة لمحاربة المسلمين الموجودين في أنحاء العالم، ثم بعد ذلك انتقلت تلك المجموعات إلى إيران وأرمينيا وشبه جزيرة بلقان، ومن هنا بدأت اللغات المختلفة تدخل على اللغة الأصلية لهم، وحتى يومنا هذا تنتشر القبائل الغجرية في العالم كله.
الغجر في البلدان العربية
من الجدير بالذكر أن المجموعات الغجرية قُبلت بالكثير من الحقد والكراهية، وتعرضوا للكثير من المضايقات في كل مكان يذهبون فيه، وذلك بسبب لونهم الأسمر وشكلهم الغريب، حتى ملابسهم غير معتادة وتسريحات الشعر الخاصة بهم، وقد وصل عدد كبير منهم إلى الأراضي العربية ومنهم من استطاع الاندماج في حياة الشعوب العربية لتجنب المضايقات، ولكنهم ليسوا بالكثير فالأغلبية أصروا الإبقاء على عاداتهم وتقاليدهم المختلفة، ورفضوا الاندماج مع الأشخاص الموجودين في المجتمع.
جنوب العراق
أُجريت العديد من الدراسات التي تؤكد أن تلك الجماعات قد وصلوا إلى البلاد العربية المخلتفة وأول موطن عربي قد اختاروه لهم في جنوب العراق، مما يؤكد أنهم قَدِموا في الأصل من الغرب ثم وصلوا إلى بادية الشام وأندمجوا لفترة من الزمن في حياة العرب البدو في الصحراء، وكانوا يتخذون من تربية الحمير وكلاب الصيد مكسباً لهم، وهناك بعض الناس التي يتناثر الكلام فيما بينهم على أن الغجر هم جماعة بدوية موجودة في الشام والعراق، ويلبسون مثل البدو ومندمجين في حياتهم بعض الشيء، لكنهم لا يُزوجون بناتهم ولا يتزوجون إلا من قبائلهم، ويتسمون بالبساطة ويتخذون من التجارة في الملح عملاً لهم.
فلسطين
يعيش الغجريين في فلسطين منذ 100عام واندمجوا مع الشعب الفلسطيني منذ أن قامت الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000، واتاخذوا من طباع الشعب الفلسطيني طباعاً لهم. فقد تخلى عدد كبير من الغجر عن الغناء والرقص، فقد كان الغجريين معروفين بتعليق ملابس نساؤهم الراقصات والمغنيات في الخيمة لكسب لقمة العيش.
وقد كانت الأغلبية من الغجر أٌسَر فقيرة للغاية لدرجة أن الفقر يقف حاجز بينهم وبين تعليم أبنائهم، ولكن على الرغم من ذلك هناك عدد منهم قد أتموا دراساتهم حتى أنهوا المرحلة الجامعية بل ويمتهنون التدريس ويطلق عليهم “مجموعة النور”.
مصر
الغجر في مصر مندمجين تماماً في المجتمع المصري فلا يمكن التفرقة بين النساء الغجريات والمصريات سوى من ملامح وجوههن، فالغجريات لديهن بشرة سمراء ووجه نحيف وملامح جامدة، أما الرجال الغجريين يرتدون جلباب قصير مثل الرجال الشعبية البسيطة في مصر، وأيضاً يكمن الاختلاف بينهم في ملامح الوجه كما النساء، وأكثر الغجريين يعملون في إصلاح المواقد القديمة وبعض الصناعات المعدنية وزخرفتها وتنظيف الأواني النحاس، ومنهم من يعمل في التجارة وهذا أكبر دليل على اندماجهم مع الشعب المصري ككل.
ما هي معتقدات الغجر؟
يعتقد الغجر أن الإنسان قد خلق من ثلاثة أجداد، أحدهم ذو بشرة سمراء وهو جد الأفارقة، وجد ذو بشرة بيضاء وهو جد الأوروبيون، أما بالنسبة لهم فجدهم “كين” كان له أخ وقتله لذا فإن الله عاقبه بأن جعله هائماً في الأرض هو وعشيرته، وكما يعتقدون أن سقوط شهاب من السماء يعني أن أحد الأشخاص الغجرية الموجود في إحدى بقاع الأرض قد مات، هذا بالنسبة إلى أصلهم.
الناحية الدينية
فهم يعتقدون بوجود آلهين الإله (دل) وهو المسئول عن السماء والنار، أما الإله (بينج) فهو الإله المسئول عن الشر بين الغجريين وهذان الآلهان بينهما حروب مستمرة ونزاعات لمحاولة كلاً منهم كسب الإنسان في صفه، كما يرون أن الجد الغجري هو السبب في تفرقتهم في شتى بقاع العالم، وأنه هو من شرب الخمر بشكل كبير لدرجة أنه لم يقدر على الدفاع عن المسيح، وهو أيضًا من صنع المسمار الذي تم صلب المسيح عليه.
مراسم الزواج
يفضل الغجريون الزواج في سن صغيرة، وفي حفل الزفاف يقوم الشاب بإعطاء الفتاه ربطة عنقة إذا قبلتها الفتاة ولبستها فهذا يعني موافقتها على الزواج به، ثم يقومون بعد ذلك باقتسام رغيف خبز على نصفين ويوضع عليها بضع قطرات من الدم من إبهام كلاً من العريس والعروس ثم يتبادلان القطع ويأكلونها، ثم يكسر كلاً منهما ما تبقى من الرغيف على رأس الأخر.
وفي اليوم التالي يقيمون حفلات الغناء والرقص وبهذا تكون قد تمت مراسم الزواج بالنسبة لهم، ومن الجدير بالذكر أن الغجر لا يتزوجون إلا من قبائلهم، وليس هناك أي قيمة لتقديم الفضة أو الذهب أو حتى الأثاث للعروس في الفرح، هم فقط يقيمون وليمة كبيرة للاحتفال بالزواج.
أسباب اضطهاد العالم للغجر
عانت القبائل الغجرية من الاضطهاد على مر العصور والأزمان من مختلف الدول المستقرة، فقد كان ييتم ترحيلهم بالقوة، ولا يتم الاعتراف بهم كمواطنين في الدولة التي يقيمون فيها، وخصوصاً في البلدان الأوروبية.
ففي روسيا سنة 1725 أصدر الملك مرسوماً يفيد بقتل كل غجري يزيد عمره عن 18 سنة، أما في ألمانيا في عام 1929 صدر قرار يفيد بأن أي غجري ليست له وظيفة يجب عليه أن يعمل بالسخرة، وقد تم تطبيق هذا القرار في العديد من الدول الأوروبية بعد ذلك، وكان قد تم تعريفهم في ألمانيا على أنهم شعب منبوذ، منغلقون على نفسهم، لذلك منع عنهم الزواج من الألمانيات أو حتى الاندماج مع الشعب الألماني.
علاوة على ذلك قد قام هتلر بإنشاء مكتبة للتخلص من خطر الغجريين على المجتمع، كانت تلك المكتبة هي المسؤلة عن الفصل بين الغجر المختلطين والغجر الأصليين، وقامت ضدهم العديد من الممارسات السيئة، حتى وصل وضعهم في زرائب الحيوانات والإغلاق عليهم بالسياج الحديدية كما الحيوانات، وذلك لاستخدامهم في التجارب الطبية والعلمية المختلفة مثل فئران التجارب.
وفي نهاية هذا المقال نكون أجابنا على سؤال هل تعرف من هم الغجر ومن أين جاؤوا، وذكرنا كل ما يتعلق بهم، نريد أن نُذكركم بأن تلك الجماعات والشعوب استطاعت على مر العصور الاندماج مع المجتمعات المختلفة، والتغيير من طريقة لبسهم ولغتهم وحياتهم الاجتماعية، إلا أنهم ما زالوا متمسكين بالعادات والتقاليد فيما بينهم، وما زال عدد منهم منعزلين عن المجتمع .
قد يُعجبك أيضًا:
- تعرف أصل قصة مقولة “ القشة التي قصمت ظهر البعير ” !
- للنفاق علامات.. لذا هل تعرف كيف تتعامل مع الشخص المنافق وما هي صفاته ؟
آخر التعليقات
نزهة حسن علي شرف | قصة داوود عليه السلام مع نبأ الخصم
كرتون | أفضل 10 مسلسلات أنمي في التاريخ حسب آخر استفتاءٍ لنا
مصطفي | ليوناردو دافنشي: أب الفن و الهندسة المعمارية